الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى» (١).
فالعبد أخص أوصافه أن يكون مريدا صادق الارادة ، بحيث يكون مراده تبعا لمراد ربه الديني منه ، ليس له ارادة في سواه.
ويذكر صاحب المدارك ان السلوك يصح ويكمل اذا سلم من الآفات والعوائق والقواطع ، وذلك بثلاثة أشياء :
الاول : أن يكون على الدرب الاعظم وهو الدرب النبوي المحمدي.
الثاني : أن لا يجيب على الطريق داعي البطالة والوقوف والدعة.
الثالث : أن يكون في سلوكه ناظرا الى المقصود.
ويقرر ابن القيم أن السالك يحصر همته في أمرين وهو في مسيرته نحو ربه هما : استفراغ القلب في صدق الحب ، وبذل الجهد في امتثال الامر ، ويتوسع في بسط ذلك المعنى بقوله : «فان السالك الى ربه لا تزال همته عاكفة على أمرين : استفراغ القلب في صدق الحب ، وبذل الجهد في امتثال الامر. فلا يزال كذلك حتى يبدو على سره شواهد معرفته وآثار صفاته وأسمائه. ولكن يتوارى عنه ذلك أحيانا. ويبدو أحيانا. يبدو من عين الجود. ويتوارى بحكم الفترة. والفترات أمر لازم للعبد. فكل عامل له شرة ، ولكل شرة فترة. فأعلاها فترة الوحي. وهي للانبياء ، وفترة الحال الخاص للعارفين ، وفترة الهمة للمريدين. وفترة العمل للعابدين. وفي هذه الفترات أنواع من الحكمة والرحمة ، والتعرفات الالهية ، وتعريف قدر النعمة. وتجديد الشوق اليها ، ومحض التواجد اليها وغير ذلك.
ولا تزال تلك الشواهد تتكرر وتتزايد ، حتى تستقر ، وينصبغ بها
__________________
(١) سورة الليل ، الآية ١٩ ـ ٢١.