«وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً» (١).
وكأنه يريد سبحانه ـ وهو أعلم بمراده ـ أن يقول لحبيبه وصفيه : انقطع لعبادة ربك ، وتفرغ لطاعته ، واستغرق في مراقبته ، ولذلك قال الازهري في تفسير لفظ «تبتل» : معناه انقطع اليه.
وأقبل المفسرون على الآية السابقة يوضحون معناها ، ويقرّبون مغزاها ، فالامام ابن كثير مثلا يفسرها بهذه العبارة : «(واذكر اسم ربك) أي أكثر من ذكره ، وانقطع اليه ، وتفرغ لعبادته ، اذا فرغت من أشغالك ، وما تحتاج اليه من أمور دنياك ، كما قال تعالى : «واذا فرغت فانصب» أي اذا فرغت من أشغالك فانصب في طاعته وعبادته لتكون فارغ البال».
ويرى القرطبي أن معنى : وتبتل اليه تبتيلا ، هو : انقطع بعبادتك اليه ، ولا تشرك به غيره.
ويعبر الزمخشري في الكشاف عن الآية بهذه الكلمات (واذكر اسم ربك) ودم على ذكره في ليلك ونهارك ، واحرص عليه ، وذكر الله يتناول كل ما كان من ذكر طيب : تسبيح وتهليل وتكبير ، وتمجيد وتوحيد ، وصلاة وتلاوة قرآن ، ودراسة علم ، وغير ذلك مما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يستغرق به ساعات ليله ونهاره (وتبتل اليه) وانقطع اليه.
ويذهب المفسر أبو السعود الى أن الامر بالذكر هنا معناه الدوام على ذكر الله عز شأنه ليلا ونهارا ، على أي وجه كان هذا الذكر ، وأن الامر بالتبتل معناه الانقطاع الى الله بمجامع الهمة ، واستغراق العزيمة في مراقبته سبحانه.
ويختار مجاهد أن معنى وتبتل اليه تبتيلا ، هو أخلص له اخلاصا.
__________________
(١) سورة المزمل ، الآية ٨.