«الذي يعطي ويتقي ، ويصدق بالحسنى ، يكون قد بذل أقصى ما في وسعه ليزكي نفسه ويهديها ، وعندئذ يستحق عون الله وتوفيقه الذي أوجبه سبحانه على نفسه ، بارادته ومشيئته ، والذي بدونه لا يكون شيء ، ولا يقدر الانسان على شيء.
ومن يسره الله لليسرى فقد وصل ، وصل في يسر وفي رفق وفي هوادة ، وصل وهو بعد في هذه الارض ، وعاش في يسر ، يفيض اليسر من نفسه على كل ما حوله ، وعلى كل من حوله : اليسر في خطوه ، واليسر في طريقه ، واليسر في تناوله للامور كلها ، والتوفيق الهادىء المطمئن في كلياتها وجزئياتها ، وهي درجة تتضمن كل شيء في طياتها ، حيث تسلك صاحبها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في وعد ربه له : «ونيسرك لليسرى» :
«وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى ، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ، وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى» (١).
والذي يبخل بنفسه وماله ، ويستغني عن ربه وهداه ، ويكذّب بدعوته ودينه ، يبلغ أقصى ما يبلغه انسان بنفسه من تعريضها للفساد ، ويستحق أن يعسر الله عليه كل شيء ، فييسره للعسرى ، ويوفقه الى كل وعورة ، ويحرمه كل تيسير ، ويجعل في كل خطوة من خطاه مشقة وحرجا ، ينحرف به عن طريق الرشاد ، ويصعد به في طريق الشقاوة ، وان حسب انه سائر في طريق الفلاح».
ويقول التنزيل الحكيم في سورة الشرح :
__________________
(١) سورة الليل ، الآية ٨ ـ ١١.