فان هؤلاء يخشون ربهم ولا يخشون سواه لأنهم أصحاب علم بجلال الله وقدرته ، ولذلك يعلق القشيري على الآية بقوله : «يخشونه علما منهم بأنه لا يصيب احدا ضرر ولا محذور ولا مكروه الا بتقديره ، فيفردونه بالخشية اذ علموا أنه لا شيء لأحد من دونه».
ولعل هذا بعض ما تشير اليه الآية الكريمة في سورة الزمر :
«اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ، ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ، ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ»(١).
فهم تقشعر جلودهم اذا علموا وفهموا آيات الوعيد ، وهم تلين جلودهم وقلوبهم اذا تدبروا آيات الوعد الكريم.
* * *
وهناك آيات قد ترد فيها الخشية مرتبطة في ظاهر اللفظ بغير الله جل جلاله ، ولكن معناها أو مفهومها يراد منه خشية الله وحده ، فالقرآن مثلا يقول في سورة لقمان :
«يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً»(٢).
__________________
(١) سورة الزمر ، الآية ٢٣.
(٢) سورة لقمان ، الآية ٣٣.