وليس المراد ـ والله أعلم بمراده ـ اننا نخشى ذات اليوم ، ولكن أن نخشى الله ونخشى عقابه العادل في ذلك اليوم وهو يوم القيامة».
ومثل ذلك قوله تعالى في سورة النازعات :
«إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها»(١).
يعني القيامة ، المعبر عنها بكلمة «الساعة» والمعنى : انما ينفع انذارك ، ويثمر وعظك مع صاحب الخشية الذي يصلح للانتباه من الغفلة ، والعودة الى الحق ، بخلاف أهل التمرد والعناد.
والقرآن ينهى بعد ذلك عن ألوان من الخشية التي لا تناسب افراد الله بالخشية ، فيقول في سورة الاسراء :
«وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً»(٢).
ويعرض بمثل هذا حين يقول في سورة الاسراء :
«قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً»(٣).
ويشير القرآن الكريم في موطن آخر الى أن قلوب بعض الناس ـ كاليهود ـ تفقد معنى الخشية ، وتلج في شراسة القسوة حتى تكون أغلظ من الصخر ، مع أن الجمادات كالحجارة تخشع وتخضع وتهبط من
__________________
(١) سورة النازعات ، الآية ٤٥.
(٢) سورة الاسراء ، الآية ٣١.
(٣) سورة الاسراء ، الآية ١٠٠.