محمد صلىاللهعليهوسلم ، يعني : من مثل محمد صلىاللهعليهوسلم أمي لا يحسن الخط والكتابة. (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ) ، أي : واستعينوا بآلهتكم التي تعبدونها ، (مِنْ دُونِ اللهِ) ، وقال مجاهد : ناسا يشهدون لكم ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : أنّ محمدا صلىاللهعليهوسلم تقوّله من تلقاء نفسه ، فلما تحدّاهم عجزوا ، فقال :
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤) وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥))
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) ، فيما مضى (وَلَنْ تَفْعَلُوا) ، أبدا فيما بقي ، وإنّما قال ذلك لبيان الإعجاز ، وأن القرآن كان معجزة النبيّ صلىاللهعليهوسلم حيث عجزوا عن الإتيان بمثله ، قوله : (فَاتَّقُوا النَّارَ) ، أي : فآمنوا واتقوا بالإيمان النار ، (الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) ، قال ابن عباس وأكثر المفسّرين : يعني حجارة الكبريت لأنها أكثر التهابا ، وقيل : جميع (١) الحجارة ، وهو دليل على عظم تلك النار ، وقيل : أراد بها الأصنام لأن أكثر أصنامهم كانت منحوتة من الحجارة ، كما قال : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٩٨] ، (أُعِدَّتْ) : هيّئت (لِلْكافِرِينَ).
قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) أي : أخبر ، والبشارة : كل خبر صدق يتغيّر (٢) به بشرة الوجه ، ويستعمل في الخير والشر وفي الخير أغلب.
(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، أي : الفعلات الصالحات ، يعني : المؤمنين [الذين هم](٣) من أهل الطاعات ، قال عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه : (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، أي : أخلصوا الأعمال ؛ كما قال : (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) [الكهف : ١١٠] ، أي : خاليا عن الرياء ، قال معاذ : العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء : العلم والنيّة والصبر والإخلاص.
(أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ) : جمع الجنة ، والجنة : البستان الذي فيه أشجار مثمرة ، سمّيت بها لاجتنانها وتسترها بالأشجار ، وقال الفراء : الجنة ما فيه النخيل ، والفردوس ما فيه الكرم.
(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) ، أي : من تحت أشجارها ومساكنها (الْأَنْهارُ) ، أي : المياه في الأنهار ، لأن النهر لا يجري ، وقيل : من تحتها أي : بأمرهم كقوله (٤) تعالى حكاية عن فرعون : (وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) [الزخرف : ٥١] ، أي (٥) : بأمري ، والأنهار جمع نهر ، سمّي به لسعته وضيائه ، ومنه النهار.
وفي الحديث : «أنهار الجنة تجري في غير أخدود» (٦).
(كُلَّما) : متى ما ، (رُزِقُوا) : أطعموا (مِنْها) أي : من الجنة ، (مِنْ ثَمَرَةٍ) أي : ثمرة ، ومن : صلة ، (رِزْقاً) : طعاما ، (قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) ، قبل (٧) : رفع على الغاية ، قال الله
__________________
(١) لا أصل له في المرفوع وإنما هو من قول مسروق بن الأجدع كما في «تفسير الطبري» (٥٠٩) وليس بالمرفوع ، فتنبه ، والله الموفق
__________________
(١) في المطبوع «جمع».
(٢) في المطبوع «تتغير».
(٣) زيادة في المطبوع.
(٤) في المطبوع «لقوله».
(٥) سقط لفظ «أي» من المطبوع.
(٦) في المطبوع «وقبل».