مرابطا جرى له مثل ذلك الأجر ، وأجري عليه الرزق ، وأمن من الفتّان» ، وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : لم يكن في زمن (١) النبي صلىاللهعليهوسلم غزو يرابط فيه ، ولكنه انتظار الصلاة بعد (٢) الصلاة ، ودليل هذا التأويل ما :
[٥١٧] أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي أنا زاهر بن أحمد الفقيه أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي أنا أبو مصعب أنا مالك أخبرنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ألا أخبركم بما يمحو الله [به](٣) الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط فذلكم الرباط» (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، قال بعض أرباب اللسان : اصبروا على النعماء وصابروا على البأساء والضراء ورابطوا في دار الأعداء واتقوا إله الأرض والسماء لعلكم تفلحون في دار البقاء.
تفسير سورة النساء
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (١))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) ، يعني : آدم عليهالسلام ، (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) ، يعني : حواء ، (وَبَثَّ مِنْهُما) ، نشر وأظهر ، (رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ) ، أي : تتساءلون به ، قرأ أهل الكوفة بتخفيف السين على حذف إحدى التاءين ، كقوله تعالى : (وَلا تَعاوَنُوا) [المائدة : ٢] ، (وَالْأَرْحامَ) ، قراءة العامة بالنصب ، أي : واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وقرأ حمزة بالخفض ، أي : به وبالأرحام كما يقال : سألتك بالله والأرحام ، والقراءة الأولى أفصح لأن العرب لا تكاد تنسق بظاهر على مكنّى إلا بعد أن تعيد الخافض فتقول : مررت به وبزيد ، إلا أنه جائز مع قلته ، (إِنَّ اللهَ كانَ
__________________
[٥١٧] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم ، عبد الرحمن والد العلاء هو ابن يعقوب مولى الحرقة.
ـ وهو في «شرح السنة» (١٤٩) بهذا الإسناد.
أخرجه المصنف من طريق مالك ١ / ١٦١ عن العلاء بهذا الإسناد.
ومن طريق ما لك أخرجه مسلم ٢٥١ والنسائي ١ / ٨٩ وابن خزيمة ٥ وابن حبان ١٠٣٨ والبيهقي ١ / ٨٢.
ـ وأخرجه مسلم ٢٥١ والترمذي ٥١ و ٥٢ وأحمد ٢ / ٢٣٥ و ٣٠١ و ٤٣٨ من طرق عن العلاء به.
ـ وورد من حديث جابر عند ابن حبان ١٠٣٩ والبزار ٤٤٩ وفي إسناده شرحبيل بن سعيد ، وهو صدوق قد اختلط بأخرة كما في «التقريب».
ـ ومن حديث أبي سعيد الخدري دون قوله «فذلكم الرباط» عند ابن خزيمة ١٧٧ و ٣٥٧ وابن حبان ٤٠٢ والحاكم ١ / ١٩١ و ١٩٢ وابن أبي شيبة ١ / ٧ وأحمد ٣ / ٣ وابن ماجه ٤٢٧ والدارمي ١ / ١٧٨.
__________________
(١) في المطبوع و ـ ط «زمان».
(٢) في المخطوط وحده «خلف».
(٣) زيادة عن المخطوط.