بالتخفيف ، وقرأ أكثر القراء : (وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا) يريد أنهم قاتلوا العدو ثم [إنهم](١) قتلوا ، وقرأ حمزة والكسائي (قاتَلُوا وَقُتِلُوا) وله وجهان ، أحدهما : معناه وقاتل من بقي منهم ، ومعنى قوله (وَقُتِلُوا) أي : قتل بعضهم ، تقول العرب قتلنا بني فلان وإنما قتلوا بعضهم ، والوجه الآخر (وَقُتِلُوا) وقد قاتلوا ، (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، نصب على القطع قاله الكسائي ، وقال المبرد : مصدر ، أي : لأثيبنهم ثوابا ، (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ).
(لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨))
قوله عزوجل : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦)) ، نزلت في المشركين ، وذلك أنهم كانوا في رخاء ولين من العيش [يتجرون](٢) ويتنعمون ، فقال بعض المؤمنين : إن أعداء الله تعالى فيما نرى من الخير ، ونحن في الجهد؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦)) ، ضربهم في الأرض وتصرفهم (٣) في البلاد للتجارات وأنواع المكاسب ، الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم والمراد منه غيره.
(مَتاعٌ قَلِيلٌ) ، أي : هو متاع قليل ، بلغة فانية ومتعة زائلة ، (ثُمَّ مَأْواهُمْ) ، مصيرهم ، (جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) ، الفراش.
(لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً) ، جزاء وثوابا ، (مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، نصب على التفسير ، وقيل : جعل ذلك نزلا ، (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) ، من متاع الدنيا.
[٥١٣] أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد العزيز بن عبد الله أنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين (١) أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
جئت فإذا رسول الله في مشربة وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء ، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ، وإن عند رجليه قرظا (٤) مصبورا (٢) وعند رأسه أهب (٣) معلقة فرأيت أثر الحصير في جنبه ،
__________________
(١) في الأصل «جبير» والتصويب من «كتب التراجم» و «كتب التخريج».
[٥١٣] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، عبد العزيز روى له البخاري ومن فوقه على شرطهما ، يحيى بن سعيد هو الأنصاري.
ـ خرجه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» (٤٩١٣) عن عبد العزيز بن عبد الله بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم ١٤٧٩ ح ٣١ من طريق سليمان بن بلال به مطوّلا.
وأخرجه البخاري ٨٩ و ٢٤٦٨ و ٥١٩١ ومسلم ١٤٧٩ ح ٣٤ والترمذي ٣٣١٥ والنسائي ٤ / ١٣٧ وأحمد ١ / ٣٣ وأبو يعلى ١٦٤ من طرق عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ، عن ابن عباس.
(٢) القرظ : ورق السلم يدبغ به ـ مصبورا : مجموعا.
(٣) الإهاب : الجلد قبل الدباغ ـ وقيل : الجلد مطلقا.
__________________
(١) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٢) في المخطوط وحده «يتبخترون».
(٣) في المخطوط «نصرتهم».
(٤) تصحف في المخطوط «قرطا».