(رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً) يعني : محمدا صلىاللهعليهوسلم ، قاله ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما ، وأكثر المفسرين (١) ، وقال القرظي : يعني القرآن ، فليس كل أحد (٢) يلقى النبي صلىاللهعليهوسلم ، (يُنادِي لِلْإِيمانِ) [أي](٣) : إلى الإيمان ، (أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) ، أي : في جملة الأبرار.
(رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) ، أي : على ألسنة رسلك ، (وَلا تُخْزِنا) ، ولا تعذبنا ولا تفضحنا ولا تهلكنا ، ولا تهنا ، (يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) ، فإن قيل : ما وجه قولهم : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) ، وقد علموا أن الله لا يخلف الميعاد؟ قيل : لفظه دعاء ومعناه الخبر (٤) ، أي : لتؤتينا ما وعدتنا على رسلك ، تقديره : (فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ) ، لتؤتينا ما وعدتنا على رسلك من الفضل والرحمة ، وقيل : معناه ربّنا واجعلنا ممن يستحقون ثوابك وتؤتيهم ما وعدتهم على ألسنة رسلك لأنهم لم يتيقنوا استحقاقهم لتلك الكرامة ، فسألوه أن يجعلهم مستحقين لها ، وقيل : إنما سألوه تعجيل ما وعدهم من النصر على الأعداء ، قالوا : قد علمنا أنك لا تخلف وعدك من النصر ، ولكن لا صبر لنا على حلمك فعجّل خزيهم وانصرنا عليهم.
قوله تعالى : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي) أي : بأني ، (لا أُضِيعُ) ، لا أحبط ، (مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ) ، أيها المؤمنون (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى).
ع [٥١٢] قال مجاهد : قالت أم سلمة : يا رسول الله إني أسمع الله يذكر (١) الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ).
قال الكلبي : في الدين والنصرة والموالاة ، وقيل : كلكم من آدم وحواء ، وقال الضحاك : رجالكم شكل نسائكم [ونساؤكم شكل رجالكم](٥) في الطاعة ، كما قال : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [التوبة : ٧١] ، (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي) ، أي : في طاعتي وديني ، وهم المهاجرون الذين أخرجهم المشركون من مكة ، (وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا).
قرأ ابن عامر وابن كثير «قتلوا» بالتشديد ، قال الحسن : يعني أنهم قطعوا في المعركة ، والآخرون
__________________
(١) زيد في الأصل بين «يذكر» و «الرجال» : «كتاب الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم» وهو خطأ واضح من النساخ والتصويب عن «ط».
ع [٥١٢] ـ حسن. أخرجه الطبري ٨٣٦٧ من طريق مجاهد عن أم سلمة ؛ ورجال الإسناد ثقات رجال الشيخين ، فهو صحيح إن كان مجاهد سمعه من أم سلمة ، وفيه نظر إذ قال فيه : قالت أم سلمة ، وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (٤٩٨) والترمذي ٣٠٢٣ عن عمرو بن دينار ، عن رجل من ولد أم سلمة ، عن أم سلمة. وأخرجه الحاكم ٢ / ٣٠٠ والواحدي ٢٨٥ عن عمرو بن دينار ، عن سلمة بن عمر بن أبي سلمة رجل من ولد أم سلمة قال : قالت أم سلمة ، صححه الحاكم على شرط البخاري! وسكت الذهبي! مع أن في الإسناد سلمة بن أبي سلمة ، وهو مقبول كما في «التقريب» أي حديثه حسن في الشواهد ، وقد توبع في ما تقدم. فهو حسن إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) في المطبوع «الناس».
(٢) في المطبوع «واحد».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «خبر».
(٥) زيد في المطبوع و ـ ط.