ذلك كله](١).
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠))
. ثم قال : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩)).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) ، أراد به ما كانوا يفعلونه عند حلول (٢) أجل الدّين من زيادة المال [على الدين](٣) وتأخير الطلب ، (وَاتَّقُوا اللهَ) في أمر الرّبا فلا تأكلوه ، (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
(وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢) وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤))
ثم خوّفهم فقال : (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٣١)).
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢)) لكي ترحموا.
(وَسارِعُوا) قرأ أهل المدينة والشام سارعوا بلا واو [وقرأ الباقون بالواو](٤)(إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) [أي](٥) بادروا وسابقوا إلى الأعمال التي توجب المغفرة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : إلى الإسلام ، وروي عنه : إلى التوبة ، وبه قال عكرمة ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إلى أداء الفرائض ، وقال أبو العالية : إلى الهجرة ، وقال الضحاك : إلى الجهاد ، وقال مقاتل : إلى الأعمال الصالحة. وروي عن أنس بن مالك أنها التكبيرة الأولى ، (وَجَنَّةٍ) أي وإلى جنّة (عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ، أي : عرضها كعرض السماوات والأرض ، كما قال في سورة الحديد : (وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الحديد : ٢١] أي : سعتها ، وإنما ذكر العرض على المبالغة لأن طول كل شيء في الأغلب أكبر (٦) من عرضه ، يقول : هذه صفة عرضها فكيف طولها؟ قال الزهري : وإنما وصف عرضها فأما طولها فلا يعلمه إلا الله [تعالى] وهذا على التمثيل لا أنها كالسماوات والأرض لا غير ، معناه : كعرض السماوات السبع والأرضين السبع عند ظنكم ، كقوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [هود : ١٠٧] يعني : عند ظنكم وإلا فهما زائلتان ، وروي عن طارق بن شهاب : أن ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب وعنده أصحابه رضي الله عنهم ، قالوا : أرأيتم قوله (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) فأين النار؟ فقال : عمر : أفرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ، وإذا جاء النهار فأين يكون الليل؟ فقالوا : إنه (٧) لمثلها في التوراة ، ومعناه أنه حيث يشاء الله ، فإن قيل : قد قال الله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢)) [الذاريات : ٢٢] وأراد بالذي وعدنا : الجنة فإذا كانت الجنة في السماء فكيف يكون
__________________
(١) ما بين المعقوفتين جعل في المخطوط بدلا عنه «من ذلك كله».
(٢) في المطبوع «طول» ولفظ «أجل» ليس في المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «أكثر».
(٧) في المطبوع «إنها».