سوّموا خيلهم ، ومن فتحها أراد به أنفسهم ، والتسويم : الإعلام من السومة وهي العلامة ، واختلفوا في تلك العلامة ، فقال عروة بن الزبير : كانت الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم صفر ، وقال علي وابن عباس رضي الله عنهم : [كانت عليهم](١) عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم ، وقال هشام بن عروة والكلبي : عليهم عمائم صفر مرخاة على أكتافهم ، وقال الضحاك وقتادة : كانوا قد أعلموا بالعهن في نواصي الخيل وأذنابها ، وروي :
[٤٣٩] أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه يوم بدر : «تسوّموا فإنّ الملائكة قد تسوّمت بالصوف الأبيض في قلانسهم ومغافرهم».
(وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (١٢٧) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (١٢٨))
قوله تعالى : (وَما جَعَلَهُ اللهُ) يعني هذا الوعد (٢) والمدد ، (إِلَّا بُشْرى لَكُمْ) ، أي : بشارة لتستبشروا به (وَلِتَطْمَئِنَ) ولتسكن (قُلُوبُكُمْ بِهِ) فلا تجزعوا من كثرة عدوكم وقلّة عددكم ، (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) ، يعني : لا تحيلوا بالنصر على الملائكة والجند ، فإن النصر من الله تعالى فاستعينوا به وتوكّلوا عليه ، فإن العزّ والحكم له.
قوله تعالى : (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، يقول لقد نصركم الله [ببدر](٣) ليقطع طرفا ، أي : لكي يهلك طائفة من الذين كفروا ، وقال السدي : معناه ليهدم ركنا من أركان الشرك بالقتل والأسر ، فقتل من قادتهم وسادتهم يوم بدر سبعون وأسر سبعون ، ومن حمل الآية على حرب أحد ، فقد (٤) قتل منهم يومئذ ستة عشر وكان النصر للمسلمين حتى (٥) خالفوا أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم فانقلب عليهم ، (أَوْ يَكْبِتَهُمْ) قال الكلبي : يهزمهم ، وقال يمان : يصرعهم لوجوههم ، قال السدي : يلعنهم ، وقال أبو عبيدة : يهلكهم ، وقيل : يحزنهم ، والمكبوت : الحزين ، وقيل : [أصله](٦) يكبدهم ، أي : يصيب الحزن والغيظ أكبادهم ، والتاء والدال يتعاقبان كما يقال : سبت رأسه وسبده إذا حلقه ، وقيل : يكبتهم بالخيبة ، (فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ) ، لم ينالوا شيئا ممّا كانوا يرجونه (٧) من الظفر بكم.
قوله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) الآية ، اختلفوا في سبب نزول هذه الآية.
__________________
[٤٣٩] ـ ضعيف جدا. أخرجه الطبري ٧٧٧٥ عن عمير بن إسحاق قال : إن أول ما كان الصوف يومئذ ـ يعني يوم بدر ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تسوّموا فإن الملائكة قد تسوّمت». وأخرجه ابن أبي شيبة ١٤ / ٢٥٨ عن عمير بن إسحاق مرسلا لكن جعل عجزه «فهو أول يوم يوضع فيه الصوف». وهو عند ابن سعد في «الطبقات» كما في «تخريج الكشاف» (١ / ٤١٢). بمثل سياق البغوي. في أثناء قصة ، وهو ضعيف جدا فهو مرسل ، وعمير مجهول.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) كذا في المطبوع و ـ ط ، وفي المخطوط «العدد».
(٣) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٤) زيد في المخطوط «قال».
(٥) تصحف في المطبوع «حين».
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المطبوع «يرجون».