قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) ، وبدر موضع بين مكة والمدينة وهو اسم موضع (١) ، وعليه الأكثرون ، وقيل : اسم لبئر هناك ، وقيل : كانت بدر بئرا لرجل يقال له بدر ، قاله الشعبي ، وأنكر الآخرون عليه ، يذكر الله تعالى في هذه الآية منّته عليهم بالنصرة يوم بدر (٢) ، (وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) ، جمع : ذليل ، وأراد به قلة العدد فإنهم كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فنصرهم الله مع قلة عددهم وعددهم ، (فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
(إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ) ، اختلفوا في هذه الآية ، فقال قتادة : كان [هذا](٣) يوم بدر أمدّهم الله تعالى بألف من الملائكة ؛ كما قال : (فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) [الأنفال : ٩] ، ثم صاروا ثلاثة آلاف ثم صاروا خمسة آلاف كما ذكر هاهنا ، (بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ).
(بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) ، فصبروا يوم بدر واتقوا فأمدّهم الله بخمسة آلاف [من الملائكة](٤) كما وعد ، قال الحسن : وهؤلاء الخمسة آلاف ردء المؤمنين إلى يوم القيامة ، قال ابن عباس ومجاهد : لم تقاتل الملائكة في المعركة إلا يوم بدر ، [و] فيما سوى ذلك يشهدون القتال ولا يقاتلون ، وإنما يكونون عددا ومددا.
ع [٤٣٤] قال عمير (٥) بن إسحاق : لمّا كان يوم أحد انجلى القوم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبقي سعد بن مالك يرمي ، وفتى شابّ يتنبل له كلما فني النبل أتاه به فنثره ، فقال : ارم أبا إسحاق مرتين ، فلما انجلت المعركة سئل عن ذلك الرجل فلم يعرفه أحد.
[٤٣٥] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا عبد العزيز بن عبد الله أنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جدّه عن سعد بن أبي وقاص قال :
رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثياب بيض كأشدّ القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد.
__________________
ع [٤٣٤] ـ ضعيف. أخرجه البيهقي في «الدلائل» (٣ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧) عن عمير بن إسحاق مرسلا. فهو ضعيف ، والصحيح أن النبي صلىاللهعليهوسلم أنبل سعدا ، وقال ما أخرجه البخاري ٤٠٥٩ و ٢٩٠٥ ومسلم ٢٤١١ والترمذي ٢٨٢٨ والنسائي في «اليوم والليلة» (١٩٠ و ١٩٤) وأحمد ١ / ١٤٤ وابن أبي شيبة ١٢ / ٨٦ ـ ٨٧ وابن حبان ٦٩٨٨ من حديث علي قال «ما سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك ، فإني سمعته يقول يوم أحد : «يا سعد ارم فداك أبي وأمي».
[٤٣٥] ـ إسناده صحيح ، عبد العزيز بن عبد الله روى له البخاري ، وقد توبع ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
ـ هو في «شرح السنة» (٢٩٨٢ و ٣٦٨٠) بهذا الإسناد.
أخرجه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» (٤٠٥٤) عن عبد العزيز بن عبد الله بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٥٨٢٦ ومسلم ٢٣٠٦ وابن أبي شيبة ١٢ / ٨٩ وأحمد ١ / ١٧١ و ١٧٧ وابن حبان ٦٩٨٧ وابن أبي عاصم في «السنة» (١٤١٠) والبيهقي في «الدلائل» (٣ / ٢٥٤ و ٢٥٥) من طرق عن سعد بن إبراهيم به.
__________________
(١) في المخطوط «إلى موضع».
(٢) في المخطوط «يومئذ».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيد في المطبوع وحده.
(٥) في المطبوع و ـ ط «محمد» والمثبت عن المخطوط و «الدلائل».