للقاء القوم حتى دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلبس لأمته فلمّا رأوه قد لبس السلاح ندموا ، وقالوا : بئس ما صنعنا نشير على رسول الله صلىاللهعليهوسلم والوحي يأتيه ، فقاموا واعتذروا إليه وقالوا : اصنع ما رأيت ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل» ، وكان قد أقام المشركون بأحد يوم الأربعاء والخميس ، فراح رسول الله صلىاللهعليهوسلم [إليهم](١) يوم الجمعة بعد ما صلّى بأصحابه الجمعة وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار فصلّى عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم خرج إليهم ، فأصبح بالشّعب من أحد يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة ، فكان من [أمر](٢) حرب أحد ما كان ، فذلك قوله تعالى : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ) تنزل المؤمنين (مَقاعِدَ لِلْقِتالِ) ، أي : مواطن ، ومواضع للقتال ، يقال : بوأت القوم إذا وطنتهم ، وتبوّءوا هم إذا تواطئوا ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ) [يونس : ٩٣] ، وقال : (أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً) [يونس : ٨٧] ، وقيل : تتخذ معسكرا ، (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
(إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢) وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥))
. (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا) ، أي : تجبنا وتضعفا وتتخلّفا ، والطائفتان بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس ، وكانا جناحي العسكر ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج إلى أحد في ألف رجل ، وقيل : في تسعمائة وخمسين رجلا ، فلما بلغوا الشوط اتخذ عبد الله بن أبي بثلث الناس ورجع في ثلاث مائة ، وقال : علام نقتل أنفسنا وأولادنا؟ فتبعهم أبو جابر السلمي ، فقال : أنشدكم الله في نبيّكم وفي أنفسكم ، فقال عبد الله بن أبي : لو نعلم قتالا لاتّبعناكم ، وهمّت بنو سلمة وبنو حارثة بالانصراف مع عبد الله بن أبي ، فعصمهم الله فلم ينصرفوا فذكرهم الله عظيم نعمته ، فقال عزوجل : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما) ، ناصرهما وحافظهما [عن الانصراف من القتال](٣) ، (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
[٤٣٣] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٤) المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل أنا محمد بن يوسف عن ابن عيينة عن [عمرو](١) عن جابر قال : نزلت هذه الآية فينا (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما) بنو سلمة وبنو حارثة ، وما أحب أنها لم تنزل ، والله يقول : (وَاللهُ وَلِيُّهُما).
__________________
[٤٣٣] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ، محمد بن يوسف هو البخاري البيكندي ، روى له البخاري دون مسلم ، ومن فوقه على شرطهما ، سفيان هو ابن عيينة ، وعمرو هو ابن دينار.
ـ خرجه المصنف من طريق البخاري وهو في «صحيحه» (٤٠٥١) عن محمد بن يوسف بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (٤٥٤) ومن طريقه الطبري ٧٧٢٧ عن ابن عيينة به.
(١) في الأصل «عمر» والتصويب من «صحيح البخاري» وعمرو هو ابن دينار.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.