الراء في الراء ، ونقلت ضمة الراء الأولى الضاد وضمّت الثانية اتّباعا ، والثاني : أن تكون لا بمعنى ليس ويضمر فيه الفاء ، تقديره : وإن تصبروا وتتقوا فليس يضركم كيدهم شيئا ، (إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) ، أي : عالم.
(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١))
قوله تعالى : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ) ، قال الحسن : هو يوم بدر ، وقال مقاتل : [هو] يوم الأحزاب ، [وقال سائر المفسرين : هو يوم أحد](١) ، [لأن ما بعده إلى قريب من آخر السورة في حرب أحد](٢) ، وقال مجاهد والكلبي والواقدي : غدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم من منزل عائشة رضي الله عنها يمشي على رجليه إلى أحد فجعل يصف أصحابه للقتال كما يقوم القدح.
ع [٤٣٢] قال محمد بن إسحاق والسدي عن رجالهما :
إن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء فلما سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بنزولهم استشار أصحابه ودعا عبد الله بن أبي ابن سلول ولم يدعه قط قبلها فاستشاره ، فقال عبد الله بن أبي وأكثر الأنصار : يا رسول الله أقم بالمدينة لا تخرج إليهم فو الله ما خرجنا [منها](٣) إلى عدوّ قط إلا أصاب منّا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه ، فكيف وأنت فينا فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا أقاموا بشرّ مجلس ، وإن دخلوا قاتلهم (٤) الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوق ، وإن رجعوا خائبين فأعجب رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذا الرأي ، وقال بعض أصحابه : يا رسول الله اخرج بنا إلى هذه الأكلب ، لا يرون أنا جبنّا عنهم وضعفنا ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني رأيت في منامي بقرا مذبوحة فأوّلتها خيرا ، ورأيت في ذباب سيفي ثلما فأولتها هزيمة ، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأوّلتها المدينة ، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة» ، وكان يعجبه أن يدخلوا عليهم بالمدينة فيقاتلوا في الأزقة ، فقال رجال (٥) من المسلمين ممن فاتهم يوم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد : اخرج بنا إلى أعدائنا فلم يزالوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم من حبهم
__________________
ع [٤٣٢] ـ أخرجه الطبري ٧٧١٧ من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري ومحمد بن يحيى وعاصم بن عمرو .. بنحوه مرسلا.
وأخرجه الطبري أيضا ٧٧١٦ عن السدي مرسلا بنحوه.
وأخرجه البيهقي في «الدلائل» (٣ / ٢٠٦ ـ ٢١٠) من طريق موسى بن عقبة ، عن الزهري مرسلا وللمرفوع منه شواهد.
فقد أخرجه البخاري ٣٦٢٢ و ٤٠٨١ و ٣٠٤١ و ٧٠٣٥ ومسلم ٢٢٧٢ وابن ماجه ٣٩٢١ والدارمي ٢ / ١٢٩ وابن حبان ٦٢٧٥ و ٦٢٧٦ عن أبي موسى عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل ، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر ، فإذا هي المدينة يثرب ، ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره ، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان ، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين ، ورأيت فيها أيضا بقرا ، والله خير فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد ، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد ، وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر».
ـ ولقوله «ما ينبغي لنبي أن يلبس لأمته ...» شاهد من حديث ابن عباس عند البيهقي في «الدلائل» (٣ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥).
وفي الباب أحاديث كثيرة.
__________________
(١) سقط من المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٣) زيادة عن المخطوط والطبري ٧٧١٧.
(٤) تصحف في المطبوع إلى «قابلهم».
(٥) تصحف في المطبوع «رجل».