نقيم على الكفر ما بدا لنا فمتى أردنا الرجعة نزل فينا ما نزل في الحارث ، فلما افتتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة فمن دخل منهم في الإسلام قبلت توبته ، ونزل فيمن مات منهم كافرا (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) [البقرة : ١٦١] الآية (١).
فإن قيل : قد وعد الله قبول توبة من تاب ، فما معنى قوله : (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) ، قيل : لن تقبل توبتهم إذا [رجعوا في حال المعاينة](٢) ، كما قال : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) [النساء : ١٨] ، وقيل : هذا في أصحاب الحارث بن سويد حيث أمسكوا (٣) عن [دين](٣) الإسلام ، وقالوا : نتربص بمحمد [ريب المنون](٤) ، فإن ساعده الزمان نرجع إلى دينه ، [(لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) ، لن يقبل ذلك](٥) لأنهم متربّصون غير محقّقين ، [(وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ)](٦).
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٩١) لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢))
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ) ، أي : قدر ما يملأ الأرض من مشرقها إلى مغربها (٧) ، (ذَهَباً) ، نصب على التفسير ، كقولهم : عشرون درهما. (وَلَوِ افْتَدى بِهِ) ، قيل : معناه لو افتدى به ، والواو زائدة مقحمة ، (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ).
[٤٠١] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا محمد بن بشار [حدثنا غندر] أخبرنا شعبة عن أبي عمران قال : سمعت أنس بن مالك :
عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «يقول الله لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة (٨) : لو أن لك ما في الأرض (٩) من شيء أكنت تفتدي به؟ فيقول : نعم ، فيقول : أردت منك أهون من هذا وأنت في (٢) صلب آدم أن لا
__________________
(١) لا يصح فهو معلّق ، ومع تعليقه. الكلبي هو محمد بن السائب متروك كذاب فالخبر لا شيء.
[٤٠١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، شعبة هو ابن الحجاج ، وأبو عمران هو الجوني عبد الملك بن حبيب.
ـ وهو في «شرح السنة» (٤٢٩٩) بهذا الإسناد.
ـ خرجه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» (٦٥٥٧) عن محمد بن بشار به.
ـ وأخرجه البخاري ٣٣٣٤ ومسلم ٢٨٠٥ وأحمد ٣ / ١٢٧ و ١٢٩ وأبو يعلى ٤١٨٦ وابن أبي عاصم في «السنة» (٩٩) وأبو نعيم في «الحلية» (٢ / ٣١٥) من طرق ، عن شعبة به.
ـ وورد من وجه آخر بنحوه أخرجه البخاري ٦٥٣٨ ومسلم ٢٨٠٥ وأبو يعلى ٢٩٢٦ و ٢٩٧٦ و ٣٠٢١ وابن حبان ٧٣٥١ من طرق عن معاذ بن هشام عن أبيه ، عن قتادة ، عن أنس به.
(٢) «في» سقطت من الأصل واستدركت من كتب «التخريج» والنسخة «خ».
__________________
(١) العبارة في المخطوط «رجعوا في الحشرجة».
(٢) في المطبوع و ـ ط «أعرضوا».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيد في المخطوط فقط.
(٥) العبارة في المخطوط و ـ ط. [لن يقبل منهم توبة لذلك وذلك].
(٦) سقط من المخطوط.
(٧) في المطبوع «شرقها إلى غربها».
(٨) زيد في المطبوع وحده «أرأيت» وليس في المخطوط و ـ ط. وكتب الحديث.
(٩) زيد في المطبوع «جميعا» وهو كسابقه.