لا يخفى عليه شيء في السموات ولا في الأرض؟ فكيف يخفى عليه موالاتكم الكفار وميلكم إليهم بالقلب؟ (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ) نصب (يَوْمَ) بنزع حرف الصفة ، أي : في يوم ، وقيل : بإضمار فعل أي اذكروا واتّقوا يوم تجد كلّ نفس ، (ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) لم يبخس منه شيء ؛ كما قال الله تعالى : (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) [الكهف : ٤٩] ، (وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) جعله بعضهم خبرا (١) في موضع النصب ، أي تجد محضرا ما عملت من الخير والشرّ ، فتسرّ بما عملت من الخير ، وجعله بعضهم خبرا (١) مستأنفا ، دليل هذا التأويل قراءة ابن مسعود رضي الله عنهما : «وما عملت من سوء ودّت لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا» ، قوله تعالى : (تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها) ، أي : بين النفس (وَبَيْنَهُ) ، يعني : وبين السوء (أَمَداً بَعِيداً) ، قال السدي : مكانا بعيدا ، وقال مقاتل : كما بين المشرق والمغرب والأمد الأجل ، والغاية التي ينتهى إليها ، قال الحسن : يسرّ أحدهم أن لا يلقى عمله أبدا ، وقيل : يودّ أنه لم يعمله (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ).
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢))
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ، نزلت في اليهود والنصارى حيث قالوا : نحن أبناء الله وأحبّاؤه.
ع [٣٧٧] وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما : وقف النبيّ صلىاللهعليهوسلم على قريش وهم في المسجد الحرام وقد نصبوا أصنامهم وعلّقوا عليها بيض النّعام وجعلوا في آذانها الشّنوف (١) وهم يسجدون لها ، فقال : «والله (٢) يا معشر قريش لقد خالفتم ملّة أبيكم إبراهيم وإسماعيل» ، فقالت له قريش : إنما نعبدها حبا لله ليقربونا إلى الله زلفى ، فقال الله تعالى : قل لهم يا محمّد إنّ كنتم تحبّون الله وتعبدون الأصنام ليقرّبوكم إليه [زلفى](٣) ، فاتّبعوني يحببكم الله ، فأنا رسوله إليكم وحجّته عليكم ، [أي :](٤) اتّبعوا شريعتي وسنّتي يحببكم الله ، فحبّ المؤمنين لله اتّباعهم أمره وإيثار طاعته ، وابتغاء مرضاته ؛ وحبّ الله للمؤمنين ثناؤه عليهم وثوابه لهم وعفوه عنهم ؛ فذلك قوله تعالى : (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
[و](٥) قيل : لما نزلت هذه الآية قال عبد الله بن أبي لأصحابه : إن محمّدا يجعل طاعته كطاعة الله
__________________
ع [٣٧٧] ـ لا أصل له عن ابن عباس ، الضحاك لم يلق ابن عباس ، وهو بدون إسناد ، فلا حجة فيه ، وهو منكر ، وذكره الواحدي في «الوسيط» (١ / ٤٢٩) و «أسباب النزول» (٢٠٣) من طريق جويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس بدون إسناد. وعامة روايات الضحاك ، عن ابن عباس إنما هي من طريق جويبر بن سعيد ، وهو متروك ليس بشيء ، ولعل المصنف بسبب وهن الإسناد جعله معلقا.
(١) الشنف : القرط الأعلى.
__________________
(١) في المطبوع «خيرا».
(٢) زيد في المطبوع «والله» وليس في ـ ط والمخطوط وكتب الأثر.
(٣) زيادة من المخطوط.
(٤) زيادة من المخطوط.
(٥) زيادة من المخطوط.