وسعيد بن جبير والشعبي وشريح (١) ومجاهد وقتادة ، وقالوا : لا يجوز لوليّها ترك شيء (٢) من صداقها (٣) بكرا كانت أو ثيبا كما لا يجوز له ذلك قبل الطلاق بالاتفاق ، كما لا يجوز له أن يهب شيئا من مالها ، وقالوا : معنى الآية [إلا أن](٤) تعفو المرأة بترك نصيبها فيعود جميع الصداق إلى الزوج ، أو يعفو الزوج بترك نصيبه فيكون لها جميع الصداق ، فعلى هذا التأويل وجه الآية الذي بيده عقدة النكاح نكاح نفسه في كل حال قبل الطلاق أو بعده ، (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) ، [موضعه رفع بالابتداء ، أي : والعفو أقرب للتقوى](٥) ، أي إلى التقوى ، والخطاب للرجال والنساء جميعا ، لأن المذكّر والمؤنث إذا اجتمعا ، كانت الغلبة للمذكر ، معناه : وعفو بعضكم عن بعض أقرب للتقوى ، (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) ، أي : إفضال بعضهم على بعض بإعطاء الرجل تمام الصداق أو ترك المرأة نصيبها ، حثّهما جميعا على الإحسان ، [لأنه من شيم الأخلاق](٦) ، (إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (٢٣٨))
قوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) ، أي : واظبوا وداوموا على الصلوات المكتوبات لمواقيتها (٧) وحدودها ، وإتمام [شروطها و](٨) أركانها ، ثم خصّ [الله تعالى](٨) من بينها الصلاة الوسطى بالمحافظة عليها دلالة على فضلها ، وسطى تأنيث الأوسط ، ووسط الشيء : خيره وأعدله ، واختلف العلماء من الصحابة ومن بعدهم في الصلاة الوسطى ، فقال قوم : هي صلاة الفجر ، وهو قول عمر وابن عمر وابن عباس ومعاذ وجابر ، وبه قال عطاء وعكرمة ومجاهد ، وإليه ذهب (٩) مالك والشافعي ؛ لأن الله تعالى قال : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) ، والقنوت : طول القيام ، وصلاة الصبح مخصوصة بطول القيام وبالقنوت ، ولأن الله تعالى خصّها في آية أخرى من بين الصلوات (١٠) ، فقال الله تعالى : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) [الإسراء : ٧٨] ، يعني : يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار فهي مكتوبة في ديوان الليل وديوان النهار ، ولأنها بين صلاتي جمع ، وهي لا تقصر ولا تجمع إلى غيرها ، وذهب قوم إلى أنها صلاة الظهر ، وهو قول زيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وأسامة بن زيد ، لأنها في وسط النهار وهي أوسط صلوات (١١) النهار في الطول.
[٢٧٥] أخبرنا عمر بن عبد العزيز أخبرنا القاسم بن جعفر الهاشمي ، أنا أبو علي اللؤلؤي (١) أنا أبو
__________________
[٢٧٥] ـ إسناده صحيح ، أبو داود هو سليمان بن الأشعث صاحب السنن ، ومن دونه ثقات وقد توبعوا ، ومن فوقه ثقات ، شعبة هو ابن الحجاج ، الزّبرقان هو ابن عمرو بن أمية الضمري.
وهو عند المصنف في «شرح السنة» ٣٩٠ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أبو داود ٤١١ وأحمد (٢ / ١٨٣) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٣ / ٤٣٤) والطبري ٥٤٦٢ والبيهقي (١ / ٤٥٨) من طرق عن شعبة بهذا الإسناد.
(١) في الأصل «اللولوي».
__________________
(١) تحرف في المطبوع إلى «الشريحي».
(٢) في المطبوع «الشيء».
(٣) في المطبوع «الصداق».
(٤) في المطبوع «أن لا».
(٥) زيادة في المطبوع.
(٦) زيادة من المخطوط.
(٧) في المطبوع «بمواقيتها».
(٨) زيادة عن المخطوط.
(٩) في المطبوع «مال».
(١٠) في المطبوع «الصلاة».
(١١) في المطبوع «صلاة».