يدخل بها حتى مات ، فقال ابن مسعود : لها صداق نسائها ولا وكس (١) ولا شطط ، وعليها العدة ولها الميراث ، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : قضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بروع بنت وأشق امرأة منّا مثل ما قضيت ففرح بها ابن مسعود رضي الله عنه.
وقال الشافعي رحمهالله : فإن ثبت حديث بروع بنت واشق فلا حجة في قول أحد دون قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وإن لم يثبت فلا مهر لها ولها الميراث ، وكان عليّ يقول في حديث بروع : لا يقبل قول أعرابي من أشجع على [كتاب الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم](١).
(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧))
وقوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) ، هذا في المطلقة بعد الفرض قبل المسيس ، فلها نصف المفروض وإن مات أحدهما قبل المسيس فلها كمال المهر المفروض ، والمراد بالمس المذكور في الآية : الجماع.
واختلف أهل العلم فيما لو خلا الرجل بامرأته ثم طلّقها قبل أن يدخل بها ، فذهب جماعة (٢) إلى أنه لا يجب لها إلا نصف الصداق ولا عدّة عليها ، لأن الله تعالى أوجب بالطلاق قبل المسيس نصف المهر (٣) ولم يوجب العدّة ، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه وابن مسعود ، وبه قال الشافعي رحمهالله ، وقال قوم : يجب لها كمال المهر وعليها العدة ، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنّه قال : إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق ، ومثله عن زيد بن ثابت ، وحمل بعضهم قول عمر على وجوب تسليم الصداق إليها إذا سلّمت نفسها ، لا على تقدير (٤) الصداق.
وقيل : هذه الآية ناسخة للآية التي في الأحزاب : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَ) [الأحزاب : ٤٩] ، فقد كان للمطلقة قبل المسيس متاع فنسخت بهذه الآية وأوجب للمطلقة المفروض لها قبل المسيس نصف المفروض ، ولا متاع لها. وقوله تعالى : (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) ، أي : سمّيتم لهن مهرا (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) ، أي : لها نصف المهر المسمّى ، (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) ، يعني : النساء ، أي : إلا أن تترك المرأة نصيبها فيعود جميع الصداق إلى الزوج ، قوله تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) ، اختلفوا فيه فذهب بعضهم : إلى أن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي ، وبه قال ابن عباس رضي الله عنه ، معناه : إلا أن (٥) تعفو المرأة بترك نصيبها إلى الزوج إن كانت ثيبا من أهل العفو أو يعفو وليّها ، فيترك نصيبها إن كانت المرأة بكرا ، أو غير جائزة العفو فيجوز عفو وليها ، وهو قول علقمة وعطاء والحسن والزهري وربيعة ، وذهب بعضهم إلى أنه إنما يجوز عفو الولي إذا كانت المرأة بكرا ، فإن كانت ثيّبا فلا يجوز عفو وليها ، وقال بعضهم : الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج ، وهو قول علي ، وبه قال سعيد بن المسيب
__________________
ووافقه الذهبي.
(١) الوكس : النقص والتنقيص ـ واشتط في سلعته سقطا : جاوز القدر المحدود وأبعد عن الحق.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٢) في المطبوع «قوم».
(٣) في المطبوع «الصداق».
(٤) في المخطوط «تقرير».
(٥) في المطبوع «أن لا».