عدّتها وقال : يا بنت حنظلة أنا من قد علمت قرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحقّ جدي عليّ وقدمي في الإسلام! فقالت سكينة : أتخطبني وأنا في العدة وأنت [ممن](١) يؤخذ عنك! فقال : إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قد دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أم سلمة وهي في عدة زوجها أبي سلمة ، فذكر لها منزلته من الله عزوجل وهو متحامل على يده ، حتى أثّر الحصير في يده من شدّة تحامله على يده ، والتعريض بالخطبة جائز في عدّة الوفاة ، أمّا المعتدّة عن فرقة الحياة ينظر إن كانت ممن لا يحل لمن بانت [منه](٢) نكاحها ، كالمطلقة ثلاثا ، والمبانة باللّعان والرضاع ، فإنه يجوز خطبتها تعريضا ، [وإن كانت ممن يحل للزوج نكاحها كالمختلعة والمفسوخ نكاحها ، يجوز لزوجها خطبتها تعريضا وتصريحا](٣) ، وهل يجوز للغير تعريضا؟ فيه قولان ، أحدهما : يجوز كالمطلقة ثلاثا ، والثاني : لا يجوز لأن المعاودة ثابتة لصاحب العدة كالرجعية لا يجوز للغير تعريضا بالخطبة ، [و] قوله تعالى : (مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ) ، [الخطبة](٤) التماس النكاح وهي مصدر خطب الرجل المرأة يخطب خطبة ، وقال الأخفش : الخطبة الذكر والخطبة التشهد ، فيكون معناه فيما عرضتم به من ذكر النساء عندهن (أَوْ أَكْنَنْتُمْ) : أضمرتم ، (فِي أَنْفُسِكُمْ) ، من نكاحهن ، يقال : أكننت الشيء وكننته لغتان ، وقال ثعلب : أكننت الشيء [أي : أخفيته في نفسي](٥) ، وكننته سترته ، قال السدي : هو أن يدخل فيسلّم ويهدي إن شاء ولا يتكلم بشيء (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَ) : بقلوبكم ، (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا) ، اختلفوا في السرّ المنهي عنه ، فقال قوم : هو الزنا وكان الرجل يدخل على المرأة من أجل الزنية (٦) وهو يعرض بالنكاح ، ويقول لها : دعيني فإذا وفيت عدّتك أظهرت نكاحك ، هذا قول الحسن وقتادة وإبراهيم وعطاء ، ورواية عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما ، [و] قال زيد بن أسلم : أي لا ينكحها سرا فيمسكها فإذا حلت أظهر ذلك ، وقال مجاهد : هو قول الرجل لا تفوّتيني بنفسك فإني ناكحك ، وقال الشعبي والسدي : لا يأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيره ، وقال عكرمة : لا ينكحها ولا يخطبها في العدّة ، قال الشافعي : السرّ هو الجماع ، وقال الكلبي : أي لا تصفوا أنفسكم لهن بكثرة الجماع ، فيقول : آتيك الأربعة والخمسة ، وأشباه ذلك ، ويذكر السرّ ويراد به الجماع ، قال امرؤ القيس :
ألا زعمت بسباسة القوم أنني |
|
كبرت وألّا يحسن السرّ أمثالي |
وإنما قيل للزنا والجماع : سرا لأنه يكون في خفاء بين الرجل والمرأة ، قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) ، هو ما ذكرنا من التعريض بالخطبة. قوله تعالى : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) ، أي : لا تحققوا العزم على عقد النكاح في العدة حتى يبلغ الكتاب أجله ، أي : حتى تنقضي العدة ، وسمّاها الله : كتابا ، لأنها فرض من الله ؛ كقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ) ، أي : فرض عليكم ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) ، أي : فخافوا الله ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) ،
__________________
الرحمن بن سليمان ـ وهو ابن العسيل ـ نحوه بتمامه. وهذا معضل ، وعبد الرحمن بن سليمان فيه ضعف ، ومثله محمد بن الصلت.
وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» (١ / ٢٨٢) : هكذا هو في كتاب «النكاح» لابن المبارك .... ا ه.
__________________
(١) زيادة من المخطوط.
(٢) في المطبوع «من».
(٣) سقط من المخطوط.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) زيد في نسخ المطبوع.
(٦) تحرف في المطبوع إلى «الزينة».