لا يعجّل بالعقوبة [على من خالف أمره ونهيه](١).
(لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦))
وقوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) ، أي : ولم تمسوهن ولم تفرضوا.
ع [٢٧٣] نزلت في رجل من الأنصار تزوّج امرأة من بني حنيفة ولم يسمّ لها مهرا ، ثم طلقها قبل أن يمسّها ، فنزلت هذه الآية ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «متّعها ولو بقلنسوتك».
قرأ حمزة والكسائي «ما لم تماسوهن» ، بالألف هاهنا وفي الأحزاب على المفاعلة ، لأنّ بدن كل واحد منهما يلاقي بدن صاحبه ؛ كما قال الله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) [المجادلة : ٤] ، وقرأ الباقون (تَمَسُّوهُنَ) بلا ألف ، لأن الغشيان يكون من فعل الرجال ، دليله قوله تعالى : (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) [آل عمران : ٤٧] ، أو تفرضوا لهن فريضة ، أي : توجبوا لهن صداقا ، فإن قيل : فما الوجه في نفي الجناح عن المطلّق؟ قيل : الطلاق قطع سبب الوصلة.
[٢٧٤] م وجاء في الحديث : «أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق».
فنفي الجناح عنه إذا كان الفراق أروح من الإمساك ، وقيل : معناه لا سبيل للنساء عليكم إن طلقتموهنّ من قبل المسيس ، والفرض بصداق ولا نفقة ، وقيل : لا جناح عليكم في تطليقهن قبل المسيس في أيّ وقت شئتم حائضا كانت المرأة أو طاهرا لأنه لا سنّة ولا بدعة في طلاقهن قبل الدخول بها ، بخلاف المدخول بها ، فإنه لا يجوز تطليقها في حال الحيض ، (وَمَتِّعُوهُنَ) ، أي : أعطوهنّ من مالكم ما يتمتعنّ به ، والمتعة والمتاع : ما يتبلّغ به من الزاد ، (عَلَى الْمُوسِعِ) ، أي : على الغني ، (قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ) ، أي : الفقير ، (قَدَرُهُ) ، أي : إمكانه وطاقته ، قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص (قَدَرُهُ) بفتح الدال فيهما ، وقرأ الآخرون بسكونهما ، وهما لغتان ، وقيل : القدر بسكون الدال : المصدر ، وبالفتح : الاسم ، (مَتاعاً) نصب على المصدر ، أي : متّعوهن ، (مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ) ، أي : بما أمركم الله به من غير ظلم (٢) ، (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) ، وبيان حكم الآية : أنّ من تزوّج امرأة ولم يفرض لها مهرا ، ثم طلّقها قبل المسيس يجب عليه المتعة بالاتّفاق ، وإن طلقها بعد الفرض قبل المسيس فلا متعة لها ، على قول الأكثرين ، ولها نصف المهر المفروض.
واختلفوا في المطلقة بعد الدخول بها فذهب (٣) جماعة إلى أنها لا متعة لها ، لأنها تستحق المهر ، وهو قول أصحاب الرأي ، وذهب جماعة إلى أنها تستحق المتعة ؛ لقوله تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ)
__________________
ع [٢٧٣] ـ لم أره مسندا. قال الحافظ في «تخريج الكشاف» (١٠ / ٢٨٥) : لم أجده ا ه.
قلت : وذكره القرطبي في تفسيره (٣ / ٢٠٢) وعزاه للثعلبي وهو غير حجة ، والظاهر أنه ساقه بدون إسناد وهو يروي الموضوعات ، لا يحتج بما ينفرد به. حتى إن الواحدي لم يذكره في «أسباب النزول» وكذا السيوطي وابن كثير.
[م ٢٧٤] ـ تقدم برقم ٢٦٣.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «خلل».
(٣) في المطبوع «فذهبت».