المولودين ، فروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها إذا وضعت لستة أشهر فإنها ترضعه حولين كاملين ، وإن وضعت (١) لسبعة أشهر فإنها ترضعه ثلاثة وعشرين شهرا ، وإن وضعت لتسعة أشهر فإنها ترضعه أحدا وعشرين شهرا [وإن وضعت لعشرة أشهر ، فإنها ترضعه عشرين شهرا](١) ، كل ذلك تمام ثلاثين شهرا ؛ لقوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف : ١٥] ، وقال قوم : هو [حد](٢) لكل مولود بأي وقت ولد لا ينقص رضاعه عن حولين إلا باتفاق الأبوين ، فأيّهما أراد الفطام قبل تمام الحولين ليس له ذلك إلا أن يجتمعا عليه ؛ لقوله تعالى : (فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ) ، وهذا قول ابن جريج والثوري ، ورواية الوالبي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وقيل : المراد من الآية بيان أن الرضاع الذي يثبت [به](٢) الحرمة ما يكون في الحولين فلا يحرم ما يكون بعد الحولين ، قال قتادة : فرض الله على الوالدات إرضاع حولين كاملين ، ثم أنزل التخفيف فقال : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) ، أي : هذا منتهى الرضاع (٣) ، وليس فيما (٤) دون ذلك حدّ محدود [لهما] ، وإنما هو على مقدار صلاح الصبي وما يعيش به. (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ) ، يعني : الأب ، (رِزْقُهُنَ) : طعامهن ، (وَكِسْوَتُهُنَ) : لباسهن ، (بِالْمَعْرُوفِ) ، أي : على قدر الميسرة ، (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها) ، أي : طاقتها ، (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) ، قرأ ابن كثير وأهل البصرة برفع الراء ، نسقا على قوله : (لا تُكَلَّفُ) وأصله تضارر ، فأدغمت الراء في الراء ، وقرأ الآخرون (تُضَارَّ) ، بنصب الراء ، وقالوا : لما أدغمت الراء في الراء حركت إلى أخف الحركات وهو النصب ، ومعنى الآية : لا تضار والدة بولدها فينزع الولد منها إلى غيرها بعد أن رضيت بإرضاعه ، (وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) ، أي : لا تلقيه المرأة إلى أبيه بعد ما ألفها تضارّه بذلك ، وقيل : معناه لا تضار والدة فتكره على إرضاعه إذا كرهت [هي](٥) إرضاعه ، وقبل الصبي من غيرها ، لأن ذلك ليس بواجب عليها ولا مولود له بولده ، فيحتمل أن يعطي الأم أكثر مما يجب لها إذا لم يرضع (٦) الولد من غيرها ، فعلى هذين القولين أصل الكلمة : لا تضارر ، بفتح الراء الأولى على الفعل المجهول ، والوالدة والمولود [له](٧) مفعولان ، ويحتمل أن يكون الفعل لهما يكون (٨) تضار بمعنى : تضارر بكسر [الراء] الأولى على تسمية الفاعل ، والمعنى : لا تضار والدة فتأبى أن ترضع ولدها ليشقّ على أبيه ، ولا مولود له ، أي : لا يضار الأب أم الصبي فينزعه منها ويمنعها من إرضاعه ، وعلى هذه الأقوال يرجع الضرار إلى الوالدين ، يضار كل واحد منهما صاحبه بسبب الولد ، ويجوز أن يكون الضرار راجعا إلى الصبي ، أي : لا يضار كل واحد منهما الصبي ، فلا ترضعه الأم حتى يموت ، أو لا ينفق الأب ، أو ينتزعه من الأم حتى يضرّ بالصبي ، فعلى هذا تكون الباء زائدة ، ومعناه : لا تضار والدة ولدها ، ولا أب ولده ، وكل هذه الأقاويل مروية عن المفسّرين. قوله تعالى : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) ، اختلفوا في هذا الوارث ، فقال قوم : هو وارث الصبي ، معناه : وعلى وارث الصبي الذي لو مات الصبي وله مال ورثه (٩) مثل الذي كان على أبيه في حال حياته ، ثم اختلفوا في أيّ وارث هو من ورثته ، فقال بعضهم : هو عصبة الصبي من الرجال ، مثل الجد والأخ وابن الأخ والعم وابن العم ، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، وبه قال إبراهيم والحسن ومجاهد
__________________
(١) زيد في المطبوع وحده دون المخطوط و ـ ط ـ و «الدر المنثور».
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من المخطوط.
(٣) في المطبوع «الرضاعة».
(٤) في المطبوع «فيها».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة من المخطوط.
(٧) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٨) في المطبوع «وتكون».
(٩) في المطبوع «وزنه».