وإنما تدع المرأة الصلاة أيام حيضها ، وذهب جماعة إلى أنها الأطهار ، وهو قول زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وعائشة ، وهو قول الفقهاء السبعة والزهري ، وبه قال ربيعة ومالك والشافعي.
ع [٢٥٥] واحتجّوا بأن ابن عمر رضي الله عنه لمّا طلق امرأته وهي حائض ، قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم لعمر : «مره فليراجعها حتى تطهر ، ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء».
فأخبر أن زمان العدّة هو الطهر. ومن جهة اللغة قول الشاعر (١) :
ففي كل عام أنت جاشم غزوة |
|
تشد لأقصاها عزيم عزائكا (٢) |
مورثة مالا وفي الحي رفعة |
|
لما ضاع (٣) فيها من قروء نسائكا |
وأراد به أنه كان يخرج إلى الغزو ولم يغش نساءه فتضيع أقراؤهن ، وإنما تضيع (١) بالسفر زمان الطهر ، لا زمان الحيض ، وفائدة الخلاف تظهر في أن المعتدة إذا شرعت في الحيضة الثالثة تنقضي عدتها على قول من يجعلها أطهارا وتحسب بقية الطهر الذي وقع فيه الطلاق قرءا ، قالت عائشة رضي الله عنها : إذا طعنت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها ، ومن ذهب إلى أن الأقراء هي الحيض يقول لا تنقضي عدتها ما لم تطهر من الحيضة الثالثة ، وهذا الاختلاف (٢) من حيث إن اسم القرء يقع على الطهر والحيض جميعا ، يقال : أقرأت المرأة إذا حاضت ، وأقرأت إذا طهرت فهي مقرئ ، واختلفوا في أصله ، فقال أبو عمرو بن العلاء وأبو عبيدة : هو الوقت لمجيء الشيء وذهابه ، يقال : رجع
__________________
وابن حبان ١٣٥٠ والطحاوي في «المعاني» (١ / ١٠٢) والدار قطني (١ / ٢٠٦) و (٢٠٧) وأبو عوانة (١ / ٣١٩) وابن الجارود ١١٢ والبيهقي (١ / ٣٢٣) و (٣٢٤) و (٣٢٥) و (٣٢٧) و (٣٢٩) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : جاءت فاطمة ابنة أبي حبيش إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إني امرأة أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا إنما ذلك عرق ، وليس بالحيضة ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت ، فاغسلي عنك الدم ثم صلي. قال : وقال أبي : ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت.
وانظر «تلخيص الحبير» (١ / ١٧١).
ع [٢٥٥] ـ صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٠٨) و (٧١٦٠) ومسلم ١٤٧١ ح / ٤ والترمذي ١١٧٦ وأحمد (٢ / ٢٦) و (٥٨) و (٦١) و (٨١) و (١٣٠) والدارمي (٢ / ١٦٠) وابن الجارود ٧٣٦ والطحاوي (٣ / ٥٣) والدار قطني (٤ / ٦) والبيهقي (٧ / ٣٢٤) من طرق عن سالم عن عبد الله بن عمر.
ـ وأخرجه البخاري ٥٢٥١ ومسلم (١٤٧١) ح / ١ و ٢ وأبو داود ٢١٧٩ والنسائي (٦ / ١٣٨) وابن ماجه ٢٠١٩ ومالك (٢ / ٥٧٦) والشافعي (٢ / ٣٢ ـ ٣٣) والطيالسي ١٨٥٣ وأحمد (٢ / ٦٣ و ١٠٢) وابن أبي شيبة (٥ / ٢ ـ ٣) وابن حبان ٤٢٦٣ والطحاوي (٣ / ٥٣) وابن الجارود ٧٣٤ والدار قطني (٤ / ٧) والبيهقي (٧ / ٣٢٤) والبغوي في «شرح السنة» ٢٣٥١ من طرق عن نافع عن ابن عمر.
(١) هو الأعشى. يقول لجاره : أينبغي أن تتجشم وتكلف نفسك في كل عام دخول غزوة واقتحام مكارهها ، تشد وتوثق عزيمة صبرك وتورثك تلك الغزوة مالا كثيرا بغنائمها ، ورفعة لك في الحي لأجل ما ضاع فيها من الأعوام ـ والأقراء التي تضيع على الزوج هي الأطهار ، لأنها التي يوطأن فيها ، لا الحيض وضياع ذلك يؤدي إلى انقطاع النسل ا ه. انظر حاشية الكشاف (١ / ٢٧١)
(٢) وقع في الأصل : «عرائكا» وهو تصحيف.
(٣) وقع في الأصل «رضاع» والمثبت هو الصواب.
__________________
(١) في المخطوط «يضيع».
(٢) في المطبوع «الخلاف».