فيه ولا إثم ، وقال علي : [هو اليمين في](١) الغضب ، وبه قال طاوس وقال سعيد بن جبير : هو اليمين في المعصية لا يؤاخذه الله بالحنث فيها ، بل يحنث ويكفّر ، وقال مسروق : ليس عليه كفارة ، أنكفّر خطوات الشيطان؟ وقال الشعبي في الرجل يحلف على المعصية : كفارتها (٢) أن يتوب منها ، وكل يمين لا يحلّ لك أن تفي بها فليس فيها كفارة ، ولو أمرته بالكفارة لأمرته أن يتمّ على قوله ، وقال زيد بن أسلم : هو دعاء الرجل على نفسه ، كقول الإنسان : أعمى الله بصري إن [لم](٣) أفعل كذا ، [أخرجني الله من ما لي إن لم أنك هذا](٤) ، فهذا كله لغو لا يؤاخذ الله به ، ولو آخذهم لعجّل لهم العقوبة ، (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) [يونس : ١١] ، وقال : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) [الإسراء : ١١] ، قوله تعالى : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) ، أي : عزمتم وقصدتم إلى اليمين ، وكسب القلب : العقد والنية ، (وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
واعلم أن اليمين لا تنعقد إلا بالله أو باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته ، فاليمين بالله أن يقول : والذي أعبده والذي أصلي له والذي نفسي بيده ، ونحو ذلك ، واليمين بأسمائه ؛ كقوله : والله والرحمن [والرحيم](٥) ونحوه ، واليمين بصفاته كقوله : [وكبرياء الله](٦) وعزّة الله وعظمة الله وجلال الله وقدرة الله ونحوهما ، فإذا حلف بشيء منها على أمر في المستقبل ، فحنث تجب (٧) عليه الكفارة ، وإذا حلف على أمر ماض أنه كان ولم يكن ، أو على أنه لم يكن وقد كان إن كان عالما به حالة ما حلف [به](٨) ، فهو اليمين الغموس وهو من الكبائر ، وتجب فيه الكفارة عند بعض أهل العلم عالما كان أو جاهلا ، وبه قال الشافعي.
ولا يجب عند بعضهم وهو قول أصحاب الرأي ، وقالوا : إن كان عالما فهو كبيرة ولا كفارة لها كما في سائر الكبائر ، وإن كان جاهلا فهو اليمين (٩) اللغو عندهم ، ومن حلف بغير الله [تعالى] مثلا ، مثل إن قال : والكعبة وبيت الله ونبي الله ، أو حلف بأبيه ونحو ذلك فلا يكون يمينا ولا تجب به الكفارة إذا حلف (١٠) وهو يمين مكروهة ، قال الشافعي : وأخشى أن يكون معصية.
[٢٥٣] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد [أنا](٨) أبو إسحاق ...
__________________
[٢٥٣] ـ إسناده صحيح على شرط الشيخين ، أبو مصعب هو أحمد بن أبي بكر.
ـ وهو عند المصنف في «شرح السنة» ٢٤٢٤ بهذا الإسناد.
ـ وعند مالك في «الموطأ» (٢ / ٤٨٠) من طريق نافع بهذا الإسناد.
ـ ومن طريق مالك أخرجه البخاري ٦٦٤٦ والدارمي (٢ / ١٨٥) وابن حبان ٤٣٥٩ و ٤٣٦٠ والبيهقي (١٠ / ٢٨).
ـ وأخرجه البخاري ٢٦٧٩ و ٦١٠٨ ومسلم ١٦٤٦ والترمذي ١٥٣٤ والنسائي في «الكبرى» ٤٧٠٦ وأحمد (٢ / ١١
__________________
(١) زيادة عن المخطوط و ـ ط.
(٢) في المطبوع «كفارته».
(٣) سقط من المطبوع وحده.
(٤) زيادة عن المخطوط و ـ ط. والطبري ٤٤٦٢.
تنبيه : وزيد في المخطوط و ـ ط أيضا [أو يقول هو كافر إن فعل كذا] وهذه زيادة لم أثبتها ، لأنها تناقض ما جاء في آخر الأثر حيث قال زيد بن أسلم : فهذا كله لغو لا يؤاخذ الله به. والصواب أن ذكر الكفر ليس من اللغو ويؤاخذ قائله عليه. ثم الزيادة التي لم أذكرها ليست عند الطبري.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في نسخ المطبوع «يجب».
(٨) زيادة عن المخطوط.
(٩) في المطبوع «يمين».
(١٠) في المخطوط «خالف».