من قريش يتلذّذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك ، فأنكرت عليه وقالت : إنا كنا نؤتى على حرف فإن شئت فاصنع ذلك ، وإلا فاجتنبني ، حتى سرى أمرهما ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) الآية ، يعني : موضع الولد ، (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) مقبلات ومدبرات ومستلقيات.
و (أَنَّى) حرف استفهام يكون سؤالا عن الحال والمحل ، معناه : كيف شئتم وحيث شئتم بعد أن يكون في صمام واحد ، وقال عكرمة أنى شئتم : إنما هو الفرج ، ومثله [عن الحسن ، وقيل : حرث](١) لكم ، أي : مزرع لكم ومنبت للولد (٢) بمنزلة الأرض التي تزرع ، وفيه دليل على تحريم الأدبار ، لأن محل الحرث والزرع هو القبل لا الدبر ، وقال سعيد بن المسيب : هذا في العزل ، يعني : إن شئتم ، فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا ، وسئل ابن عباس عن العزل فقال : حرثك إن شئت فأعطش وإن شئت فأرو ، وروي عنه أنه قال : تستأمر [الحرة في العزل ولا تستأمر](٣) الجارية ، وبه قال أحمد وكره جماعة العزل ، وقالوا (٤) : هو الوأد الخفي.
وروي عن مالك عن نافع قال : كنت أمسك على ابن عمر المصحف فقرأ هذه الآية (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) ، فقال : أتدري فيم نزلت هذه الآية؟ قلت : لا ، قال : نزلت في رجل أتى امرأته في دبرها فشق ذلك عليه ، فنزلت هذه الآية ، ويحكى عن مالك إباحة ذلك ، وأنكر ذلك أصحابه ، وروي عن عبد الله بن الحسن أنه لقي سالم بن عبد الله فقال له : يا أبا عمر ما حدثت بحديث نافع عن عبد الله أنه لم يكن يرى بأسا بإتيان النساء في أدبارهن؟ فقال : كذب العبد وأخطأ إنما قال عبد الله : يؤتون في فروجهن من أدبارهن. والدليل على تحريم الأدبار ما :
[٢٤٥] أخبرنا عبد الوهّاب بن محمد بن الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس
__________________
[٢٤٥] ـ عجزه صحيح لشواهده وطرقه ، وأما صدره مع سال السائل ، فهو ضعيف لغرابته ، إسناده ضعيف ، محمد بن علي ، وثقه الشافعي كما في «التقريب» وشيخه وثقه الشافعي أيضا في «المسند» لكن كأن الحافظ لم يطلع على توثيق الشافعي له ، فقال عنه : مستور. مع أنه روى عنه أربعة ، وروى عن خمسة. وفيه أيضا عمرو بن أحيحة ، وهو مقبول ، أي حيث يتابع.
وهو عند الشافعي (٢ / ٢٩) في «المسند» بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه النسائي في «الكبرى» ٨٩٩٢ والطحاوي (٣ / ٤٣) والطبراني ٣٧٤٤ والبيهقي (٧ / ١٩٦) والخطابي في «غريب الحديث» (١ / ٣٧٦) من طريق محمد بن علي بن شافع بهذا الإسناد.
ـ قال الشافعي بإثره : عمي ـ محمد بن علي بن شافع ـ ثقة. وعبد الله بن علي ثقة.
ـ وورد من طرق أخرى مختصرا بذكر عجزه فقط.
فقد أخرجه النسائي في «الكبرى» ٨٩٨٨ وابن ماجه ١٩٢٤ وأحمد (٥ / ٢١٣) والطبراني ٣٧٣٤ و ٣٧٣٥ والبيهقي (٥ / ٢١٣) و (٧ / ١٩٧ و ١٩٨) من طريق عمرو بن شعيب عن هرمي بن عبد الله عن خزيمة بن ثابت به.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» ٨٩٨٢ وأحمد (٥ / ٢١٣) وابن الجارود ٧٢٨ والطحاوي (٣ / ٤٣) والطبراني ٣٧١٦ والبيهقي (٧ / ١٩٧) من طرق عن سفيان بن عيينة عن يزيد بن عبد الهاد عن عمارة بن خزيمة عن أبيه.
وعمارة ثقة روى له أصحاب السنن وباقي رجال السند رجال الصحيح.
__________________
(١) زيادة من المخطوط و ـ ط.
(٢) في المطبوع وحده «الولد».
(٣) زيادة من المخطوط و ـ ط.
(٤) في المطبوع «قال».