لها : ويحك يا عناق إن الإسلام قد حال بيننا وبين ذلك ، فقالت : فهل لك أن تتزوج بي؟ قال : نعم ولكن أرجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأستأمره ، فقالت : أبي تتبرم؟ ثم استغاثت (١) عليه فضربوه ضربا شديدا ثم خلّوا سبيله ، فلما قضى حاجته بمكة وانصرف إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعلمه بالذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي بسببها ، فقال : يا رسول الله أتحل لي أن أتزوجها؟ فأنزل الله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ).
وقيل : الآية منسوخة في حق الكتابيات ؛ لقوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة : ٥] ، [وبخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبإجماع الأمة.
ع [٢٣٣] روى الحسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا»](٢).
فإن قيل : كيف أطلقتم اسم الشرك على من لم ينكر إلا نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم؟ قال أبو الحسن بن فارس : لأن من يقول القرآن كلام غير الله فقد أشرك مع الله غيره ، وقال قتادة وسعيد بن جبير : أراد بالمشركات الوثنيات ، فإن عثمان تزوج نائلة بنت فرافصة (٣) وكانت نصرانية فأسلمت تحته ، وتزوج طلحة بن عبيد الله نصرانية ، وتزوج حذيفة يهودية. [فكتب إليه عمر رضي الله عنه : خلّ سبيلها ، فكتب إليه : أتزعم أنها حرام؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تتعاطوا المومسات (٤) منهن](٥) ، (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) : بجمالها ومالها ، نزلت في خنساء وليدة سوداء كانت لحذيفة بن اليمان ، قال حذيفة : يا خنساء قد ذكرت في الملأ الأعلى على سوادك ودمامتك فأعتقها وتزوّجها.
ع [٢٣٤] [و] قال السدي : نزلت في عبد الله بن رواحة كانت له أمة سوداء فغضب عليها ولطمها ، ثم فزع (٦) فأتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فأخبره بذلك ، فقال له صلىاللهعليهوسلم : «وما هي يا عبد الله»؟ فقال : هي تشهد أن لا إله إلّا الله وإنك رسول الله وتصوم رمضان وتحسن الوضوء وتصلّي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذه مؤمنة» ، قال عبد الله : فوالذي بعثك بالحق نبيا لأعتقنّها ولأتزوجنّها ، ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا : أتنكح أمة؟ وعرضوا عليه حرة مشركة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) ، هذا إجماع : لا يجوز للمسلمة أن تنكح المشرك ، (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ) ، يعني : المشركين (يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) ، أي : إلى الأعمال الموجبة للنار ، (وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) ، أي : بقضائه وقدره وإرادته ، (وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ) ، أي : أوامره ونواهيه ، (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ، يتّعظون.
__________________
ع [٢٣٣] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ٤٢٢٧ من طريق شريك بن عبد الله القاضي عن أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر مرفوعا ، وإسناده ضعيف ، له علتان : الحسن لم يسمع من جابر قاله أبو حاتم الرازي وغيره كما في «المراسيل» فهذه علة ، والثانية ضعف أشعث بن سوار. فالخبر ضعيف وإن كان معناه صحيحا.
ع [٢٣٤] ـ هذا مرسل ، وإسناد المصنف إلى السدي تقدم في أول الكتاب.
وأخرجه الطبري ٤٢٢٨ عن السدي به ، وهو ضعيف لإرساله ، وورد موصولا عن ابن عباس. وأخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ١٣٦ وفيه أبو مالك ، واسمه غزوان ، وهو ثقة ، وعنه السدي ، وهو صدوق يهم ، وضعّفه بعضهم.
وفيه أسباط بن نصر ، وهو صدوق إلا أنه كثير الخطأ.
__________________
(١) في المطبوع وحده «استعانت».
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في المخطوط و ـ ط.
(٣) تحرّف في المطبوع إلى «فراقصة».
(٤) تصحف في المطبوع إلى «المؤمنات».
(٥) سقط من المخطوط.
(٦) في النسخ «خرج» وفي المخطوط «فرغ» والمثبت عن «أسباب النزول» ١٣٦ والطبري ٤٢٢٨.