وقيل معناه يبيّن الله لكم الآيات في أمر النفقة لعلكم تتفكرون في زوال الدنيا وفنائها فتزهدوا فيها ، وفي إقبال الآخرة وبقائها فترغبوا فيها. قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) ، قال ابن عباس وقتادة : لما نزل قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الأنعام : ١٥٢] ، وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) [النساء : ١٠] الآية ، تحرّج المسلمون من (١) أموال اليتامى تحرّجا شديدا حتى عزلوا أموال اليتامى عن أموالهم ، حتى كان يصنع لليتيم طعام [فيفضل](٢) منه شيء فيتركونه ولا يأكلونه حتى يفسد ، فاشتدّ ذلك عليهم ، فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) ، أي : الإصلاح لأموالهم من غير أجرة ولا أخذ عوض خير وأعظم أجرا [لما لكم في ذلك من الثواب ، وخير لهم لما في ذلك من توفر أموالهم عليهم](٣) ، قال مجاهد : يوسع عليه من طعام نفسه ولا يوسع من طعام اليتيم. (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ) ، هذه إباحة المخالطة ، أي : إن تشاركوهم في أموالهم وتخلطوها بأموالكم في (٤) نفقاتكم ومساكنكم (٥) وخدمكم ودوابكم ، فتصيبوا من أموالهم عوضا عن (٦) قيامكم بأمورهم أو تكافئوهم على ما تصيبون من أموالهم ، (فَإِخْوانُكُمْ) ، أي : فهم إخوانكم ، والإخوان يعين بعضهم بعضا ويصيب بعضهم من مال (٧) بعض على وجه الإصلاح (٨) والرضا ، (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ) : لأموالهم (مِنَ الْمُصْلِحِ) : لها ، يعني : الذي يقصد بالمخالطة الخيانة وإفساد مال اليتيم وأكله بغير حق من الذي يقصد الإصلاح ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) ، أي : لضيّق عليكم وما أباح لكم مخالطتهم ، وقال ابن عباس : ولو شاء الله لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا لكم ، وأصل العنت : الشدّة والمشقة ، ومعناه : كلفكم في كل شيء ما يشق عليكم ، (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) ، [أي : عزيز في سلطانه وقدرته على الإعنات ، وقيل](٩) : العزيز الذي يأمر بعزّة ، سهل على العباد أو شقّ عليهم ، (حَكِيمٌ) فيما صنع من تدبيره وترك الإعنات.
(وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١))
قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) ، سبب نزول هذه الآية :
ع [٢٣٢] أن أبا مرثد بن أبي مرثد الغنوي ـ وقال مقاتل : هو أبو مرثد الغنوي ، وقال عطاء : أبو مرثد كناز بن الحصين ، وكان شجاعا ـ بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين سرا ، فلما قدمها سمعت به امرأة مشركة يقال لها عناق ، وكانت خليلته في الجاهلية فأتته وقالت : يا أبا مرثد ألا تخلو ، فقال
__________________
ع [٢٣٢] ـ هذا مرسل. تقدم إسناد المصنف في المقدمة إلى كلّ من مقاتل وعطاء ، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ١٣٧ عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس معلقا. والكلبي متروك متهم.
ـ وأخرجه الواحدي ١٣٥ وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في «الدر» (١ / ٤٥٨ عن مقاتل بن حيان مختصرا.
__________________
(١) المخطوط «عن».
(٢) زيادة من المخطوط و ـ ط.
(٣) سقط من المخطوط.
(٤) في المخطوط «و» بدل «في».
(٥) في المخطوط «ومساكنتكم».
(٦) في المخطوط و ـ ط «من».
(٧) في نسخ المطبوع «أموال».
(٨) في المخطوط «الصلاح».
(٩) سقط من المخطوط ونسخة ـ ط.