وخوّفوا ، (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) ، ما زال البلاء بهم حتى استبطئوا النصر [من عند الله](١) ، قال الله تعالى : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) ، قرأ نافع (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) بالرفع ، معناه : حتى قال الرسول ، وإذا كان الفعل الذي يلي حتى في معنى الماضي ، ولفظه لفظ المستقبل ، فلك فيه وجهان (٢) : الرفع والنصب ، فالنصب على ظاهر الكلام لأن (حَتَّى) تنصب الفعل المستقبل ، والرفع معناه الماضي ، و (حَتَّى) لا تعمل في الماضي.
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢١٦))
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) ،
ع [٢١٨] نزلت في عمرو بن الجموح وكان شيخا كبيرا ذا مال ، فقال : يا رسول الله بما ذا (٣) نتصدق وعلى من ننفق؟ فأنزل الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ).
وفي قوله (ما ذا) وجهان من الإعراب ، أحدهما : أن يكون محله نصبا لقوله : (يُنْفِقُونَ) ، تقديره : أي شيء ينفقون ، والآخر : أن يكون رفعا ب (ما) ومعناه : ما الذي ينفقون؟ (قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) ، أي : من مال ، (فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) ، يجازيكم به ، قال أهل التفسير : كان هذا قبل فرض الزكاة فنسخت بالزكاة.
قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) ، أي : فرض عليكم الجهاد ، واختلف العلماء في حكم هذه الآية ، فقال عطاء : الجهاد تطوّع ، والمراد من الآية أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم دون غيرهم ، وإليه ذهب الثوري ، واحتجّ من ذهب إلى هذا بقوله تعالى : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) [النساء : ٩٥] ، ولو كان القاعد تاركا فرضا لم يكن بعده الحسنى ، وجرى بعضهم على ظاهر الآية ، وقال : الجهاد فرض على كافة المسلمين إلى قيام الساعة.
[٢١٩] أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي الخوارزمي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن
__________________
ع [٢١٨] ـ ضعيف. ذكره السيوطي في «أسباب النزول» ١٣١ ونسبه لابن المنذر عن مقاتل بن حيان ، وهذا معضل ، ومقاتل ذو مناكير.
وذكره الواحدي في «أسبابه» ١٢٨ من رواية أبي صالح عن ابن عباس معلقا ، وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس. وعنه الكلبي وهو متروك متهم ، والخبر لا يصح.
[٢١٩] ـ حديث صحيح. عمر بن محمد بن المنكدر من رجال مسلم ، ومن دونه توبعوا ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
سمّي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أبو صالح اسمه ذكوان ، مشهور بكنيته ، والحديث أورده المصنف في «شرح السنة» (٥ / ٥٢٣) تعليقا وأخرجه مسلم ١٩١٠ وأبو داود ٢٥٠٢ والنسائي (٦ / ٨) ، وأحمد (٢ / ٣٧٤) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٣ / ٢ / ١٩٢) وأبو عوانة في «صحيحه» (٥ / ٨٤) والحاكم (٢ / ٧٩) وابن أبي عاصم في «الجهاد» ٤٣ وأبو نعيم في «الحلية» (٨ / ٦٠) والخطيب البغدادي في «الموضح» (٢ / ٤٤٣) والبيهقي في
__________________
(١) زيادة من المخطوط.
(٢) في نسخ المطبوع «الوجهان».
(٣) في المخطوط «لما ذا» وفي «الوسيط» (١ / ٣١٨) «ما ذا».