لقوله](١) ، قال : فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم مرّ رجل [آخر فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم](٢) : «ما رأيك في هذا»؟ فقال : يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين ، هذا حري إن خطب أن لا ينكح وإن شفع أن لا يشفع وإن قال أن لا يسمع لقوله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا خير من ملء الأرض مثل هذا».
(وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) ، [قال ابن عباس](٣) : يعني كثيرا بغير مقدار ، لأن كل ما دخل عليه الحساب فهو قليل ، يريد يوسع على من يشاء ويبسط لمن يشاء من عباده ، وقال الضحاك : يعني من غير تبعة يرزقه في الدنيا ولا يحاسبه في الآخرة ، وقيل : هذا يرجع إلى الله ، معناه : يقتّر على من يشاء ويبسط لمن يشاء ، ولا يعطي كل (٤) أحد بقدر حاجته بل يعطي الكثير لمن (٥) لا يحتاج إليه ولا يعطي القليل من يحتاج إليه ، فلا يعترض عليه ولا يحاسب فيما يرزق ، ولا يقال : لم أعطيت هذا وحرمت هذا ، ولم أعطيت هذا أكثر مما أعطيت ذاك ، [لا يسأل عما يفعل](٦) ، وقيل : معناه لا يخاف نفاد خزائنه ، فيحتاج إلى حساب ما يخرج منها لأن الحساب من المعطي إنما يكون لما (٧) يخاف من نفاد خزائنه ، [والله تعالى خزائنه لا تنقص بكثرة الإنفاق](٨).
(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣))
قوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) : على دين واحد ، قال مجاهد : أراد آدم وحده كان أمة واحدة ، [قال](٩) : سمّي الواحد بلفظ الجمع ، لأنه أصل النسل وأبو البشر ، ثم خلق الله تعالى منه حوّاء ونشر منهما الناس فانتشروا ، وكانوا مسلمين إلى أن قتل [قابيل](١٠) هابيل فاختلفوا ، (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ) ، قال الحسن وعطاء : كان الناس من وقت وفاة آدم إلى مبعث نوح أمة واحدة على ملّة الكفر أمثال البهائم فبعث الله نوحا وغيره من النبيّين ، وقال قتادة وعكرمة : كان الناس من وقت آدم إلى مبعث نوح ، وكان بينهما عشرة قرون ، كلهم على شريعة واحدة من الحق والهدى ، ثم اختلفوا في زمن نوح ، فبعث الله إليهم نوحا فكان أول نبي بعث ، ثم بعث بعده النبيّين ، وقال الكلبي : هم أهل سفينة نوح كانوا مؤمنين ، ثم اختلفوا بعد وفاة نوح ، وروي عن ابن عباس قال : كان الناس على عهد إبراهيم عليهالسلام أمة واحدة كفارا كلهم ، فبعث الله إبراهيم وغيره من النبيّين ، وقيل : كان العرب على دين إبراهيم إلى أن غيّره عمرو بن لحيّ ، وروي عن أبي العالية عن أبيّ بن كعب قال : كان الناس حين عرضوا على آدم وأخرجوا من ظهره ، وأقرّوا بالعبودية لله تعالى أمة واحدة مسلمين كلهم ، ولم يكونوا أمة واحدة قط غير (١١) ذلك اليوم ، ثم اختلفوا بعد آدم ، نظيره في سورة يونس : (وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا)(١٢) [يونس : ١٩] ،
__________________
(١) زيادة عن المخطوط وصحيح البخاري ٥٠٩١.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) زيادة عن المخطوط ونسخة ـ ط.
(٤) في المطبوع وحده «لكل».
(٥) في المطبوع «من».
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المطبوع «بما» وفي نسخة ـ ط «لمن».
(٨) زيادة عن المخطوط.
(٩) زيد في نسخ المطبوع ، ولعله ليس من كلام مجاهد.
(١٠) زيادة من المخطوط و ـ ط.
(١١) في المخطوط «من».
(١٢) زيد في المخطوط وسائر النسخ في الآية «فبعث الله النبيّين» وهو سبق قلم من المصنف رحمهالله!.