إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١)).
قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ) ، أي : هل ينتظر (١) التاركون الدخول في السلم والمتّبعون خطوات الشيطان ، يقال : نظرته وانتظرته بمعنى واحد ، فإذا كان النظر مقرونا (٢) بذكر الوجه أو إلى لم يكن إلا بمعنى الرؤية ، (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ) ، جمع ظلة ، (مِنَ الْغَمامِ) ، وهو السحاب الأبيض الرقيق سمّي غماما لأنه يغم ، أي يستر ، وقال مجاهد : هو غير السحاب ، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم ، وقال مقاتل : كهيئة الضبابة أبيض ، قال الحسن : في سترة من الغمام ، فلا ينظر إليه (٣) أهل الأرض ، (وَالْمَلائِكَةُ) ، قرأ أبو جعفر بالخفض عطفا على الغمام ، تقديره مع الملائكة ، تقول العرب : أقبل الأمير في العسكر ، أي : مع العسكر ، وقرأ الباقون الرفع على معنى إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام ، والأولى في هذه الآية وما شاكلها أن يؤمن الإنسان بظاهرها ويكل علمها إلى الله تعالى ، ويعتقد أن الله عزّ اسمه منزّه عن سمات الحدوث (٤) ، على ذلك مضت أئمة السلف وعلماء السنة ، قال الكلبي : هذا من [العلم](٥) المكتوم الذي لا يفسر [والله أعلم بمراده منه](٥) ، وكان مكحول والزهري والأوزاعي ومالك وابن المبارك وسفيان الثوري والليث بن سعد وأحمد وإسحاق ، يقولون فيه وفي أمثاله : أمرّوها (٦) كما جاءت بلا كيف ، قال سفيان بن عيينة : كلّ ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره : قراءته والسكوت عنه (٧) ، ليس لأحد أن يفسّره إلا الله تعالى ورسوله (١) ، قوله تعالى : (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) ، أي : وجب العذاب وفرغ من الحساب ، وذلك فصل الله القضاء بالحق بين الخلق يوم القيامة ، (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ، قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب بفتح التاء وكسر الجيم ، وقرأ الباقون بضم التاء وفتح الجيم.
قوله تعالى : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) ، أي : سل يا محمد يهود المدينة : (كَمْ آتَيْناهُمْ) : أعطينا آباءهم وأسلافهم ، (مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) ، [قرأ أهل الحجاز وقتيبة بتشديد الياء والباء ، والباقون بتشديد الياء](٨) ، دلالة واضحة على نبوّة موسى عليهالسلام ، مثل العصا واليد البيضاء وفلق البحر وغيرها ، وقيل : معناه الدلالات التي آتاهم الله في التوراة والإنجيل على نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم ، (وَمَنْ يُبَدِّلْ) ، يعني : يغير (نِعْمَةَ اللهِ) : كتاب الله ، وقيل : عهد الله ، وقيل : من ينكر الدّلالة على نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢))
__________________
(١) هذا هو مذهب سلف الأمة رضي الله عنهم ، وهو الحق الذي لا مرية فيه ، فعليك به ، وإياك والأهواء والإحداث في الدين ، نسأل الله عزوجل أن يهدينا سنن خير المرسلين.
__________________
(١) في المطبوع والمخطوط «ينتظرون» والمثبت عن ـ ط.
(٢) زيد في نسخة ـ ط «بذكر الله أو».
(٣) في نسخ المطبوع «إليهم».
(٤) في المطبوع «الحدث».
(٥) زيادة من المخطوط.
(٦) في المطبوع «أمرها».
(٧) في المطبوع «عليه».
(٨) زيد في المطبوع وحده.