بالفساد ، وقال سعيد بن المسيب : قطع الدراهم من الفساد في الأرض.
قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ) ، أي : خف الله ، (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) ، أي : حملته العزة ، حمية الجاهلية على الفعل بالإثم ، أي : بالظلم والعزة والتكبّر والمنعة ، وقيل معناه : أخذته العزة للإثم الذي في قلبه ، فأقام الباء مقام اللام ، قوله : (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) ، أي : كافيه ، (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) ، أي : الفراش ، قال عبد الله بن مسعود : إن من أكبر الذنب عند الله أن يقال للعبد : اتق الله فيقول : عليك بنفسك ، وروي أنه قيل لعمر بن الخطاب : اتّق الله فوضع خده على الأرض تواضعا لله عزوجل.
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) ، أي : لطلب رضا الله تعالى ، (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ).
ع [٢١١] روي عن ابن عباس والضحاك أن هذه الآية نزلت في سرية الرجيع ، وذلك أن كفار قريش بعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بالمدينة إنا قد أسلمنا ، فابعث إلينا نفرا من علماء أصحابك يعلّموننا دينك ، وكان ذلك مكرا منهم ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم خبيب بن عدي الأنصاري ومرثد بن أبي مرثد الغنويّ وخالد بن بكير ، وعبد الله بن طارق بن شهاب البلوي وزيد بن الدّثنّة ، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح الأنصاري.
ع [٢١٢] قال أبو هريرة : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشرة عينا وأمّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري فساروا فنزلوا ببطن الرجيع بين مكة والمدينة ومعهم تمر عجوة فأكلوا [وطرحوا النوى](١) فمرّت عجوز فأبصرت النّوى فرجعت إلى قومها بمكة وقالت : قد سلك هذا الطريق أهل يثرب ، من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ، فركب سبعون رجلا منهم معهم الرماح حتى أحاطوا بهم ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه ذكروا [ذلك لحي] من هذيل يقال لهم : بنو لحيان [فنفروا لهم](٢) بقريب من مائة رجل رام ، فاقتفوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه فقالوا : تمر يثرب فاتبعوا آثارهم [فلحقوهم](٣) فلما أحسّ بهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد (١) فأحاط بهم القوم فقتلوا مرثدا وخالدا وعبد الله بن طارق فنثر عاصم بن ثابت كنانته وفيها سبعة أسهم فقتل بكل سهم رجلا من عظماء المشركين ثم قال : اللهمّ إني قد حميت دينك صدر النهار فاحم لحمي آخر النهار ، ثم أحاط [به](٤) المشركون فقتلوه فلمّا قتلوه أرادوا حزّ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد ، وكانت قد نذرت [على نفسها](٥) حين أصاب ابنها يوم أحد لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في
__________________
ع [٢١١] ـ علقه المصنف هاهنا ، وإسناده إليهما في أول الكتاب. وانظر ما بعده.
ع [٢١٢] ـ لم أره بهذا السياق. وأصل الحديث محفوظ دون ذكر نزول الآيات ، ودون بعض ألفاظه وقد أخرجه البخاري (٣٠٤٥ و ٣٩٨٩) و (٤٠٨٦ و ٧٤٠٢) وأبو داود (٢٦٦٠ و ٢٦٦١) والطيالسي ٢٥٩٧ وأحمد (٢ / ٢٩٤) و (٢٩٥ و ٣١٠ ـ ٣١١) وعبد الرزاق ٩٧٣٠ وابن حبان ٧٠٤٩ والبيهقي في «الدلائل» (٣ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤) من طرق من حديث أبي هريرة بنحوه دون ذكر عجزه وهو خبر الزبير والمقداد بن عمرو.
وانظر هذا الخبر في «السيرة النبوية» لابن هشام (٣ / ١٣٤ ـ ١٤٦).
(١) الفدفد : الفلاة والمكان الصلب الغليظ ، والمرتفع ، والأرض المستوية.
__________________
(١) زيادة من المخطوط.
(٢) في المطبوع «فتبعوهم».
(٣) زيادة من المخطوط.
(٤) في المخطوط «بهم».
(٥) زيادة من المخطوط.