فِي قَلْبِهِ) ، يعني : قول الأخنس المنافق : والله إني بك مؤمن ولك محب ، (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) ، أي : شديد الخصومة ، يقال : لددت يا هذا وأنت تلدّ لددا ولدادة ، فإذا أردت أنه غلب على خصمه قلت : لدّه يلدّه لدّا ، يقال : رجل ألدّ وامرأة لدّاء وقوم لدّ ، قال الله تعالى : (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) [مريم : ٩٧] ، قال الزجاج : اشتقاقه من لدّ يدي العنق وهما صفحتان ، وتأويله : أنه في أيّ وجه أخذ من يمين أو شمال ، في أبواب الخصومة غلب ، والخصام : مصدر خاصمه خصاما ومخاصمة ، قاله أبو عبيدة ، وقال الزجاج : وهو جمع خصم ، يقال : خصم وخصام وخصوم ، مثل : بحر وبحار وبحور ، قال الحسن : (أَلَدُّ الْخِصامِ) ، أي : كاذب القول ، قال قتادة : شديد القسوة في المعصية ، جدل بالباطل يتكلّم بالحكمة ، ويعمل بالخطيئة.
[٢١٠] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها :
عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ أبغض الرجال إلى الله تعالى الألدّ الخصم».
(وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٢٠٧))
(وَإِذا تَوَلَّى) ، أي : أدبر وأعرض عنك ، (سَعى فِي الْأَرْضِ) ، أي : عمل فيها ، وقيل : سار فيها ومشى ، (لِيُفْسِدَ فِيها) ، قال ابن جريج : قطع الرحم وسفك دماء المسلمين ، (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) ، وذلك أن الأخنس كان بينه وبين ثقيف خصومة فبيّتهم ليلة فأحرق زروعهم وأهلك مواشيهم ، قال مقاتل : خرج إلى الطائف مقتضيا مالا له على غريم فأحرق له كدسا (١) وعقر له أتانا (٢) ، والنسل : نسل كل دابة ، والناس منهم : وقال الضحاك : (وَإِذا تَوَلَّى) ، أي : ملك الأمر وصار واليا سعى في الأرض ، قال مجاهد في قوله عزوجل : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ) قال : إذا ولي يعمل بالعدوان والظلم ، فأمسك الله المطر (١) وأهلك الحرث والنسل (٢) ، (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) ، أي : لا يرضى
__________________
[٢١٠] ـ إسناده صحيح على شرطهما ، أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل. ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز ، ابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله.
هو في «شرح السنة» ٢٤٩٣ بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٢٤٥٧ عن أبي عاصم بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري (٤٥٢٣ و ٧١٨٨) ومسلم ٢٦٦٨ والترمذي ٢٩٧٦ والنسائي (٨ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨) وأحمد (٦ / ٥٥ و ٦٣ و ٢٠٥) وابن حبان ٥٦٩٧ والبيهقي (١٠ / ١٠٨) من طرق عن ابن جريج به.
(١) الكدس : الحب المحصود المجموع.
(٢) الأتان : الحمارة.
__________________
(١) تحرف في المطبوع إلى «المدر».
(٢) الأثر عند الطبري ٣٩٨٨ قال مجاهد : إذا تولى سعى في الأرض بالعدوان والظلم ، فيحبس الله بذلك القطر ، فيهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد.
ـ هذا سياق الأثر ذكرته لأن في سياق المصنف غموض ، والله الموفق.