بمنى الليلة الأولى والثانية من أيام التشريق ، ويرمي كل يوم بعد الزوال إحدى وعشرين حصاة ، عند كل جمرة سبع (١) حصيات ، ورخّص في ترك البيتوتة لرعاة الإبل وأهل سقاية الحاج ، ثم كل من رمى (٢) اليوم الثاني من أيام التشريق وأراد أن ينفر ويدع (٣) البيتوتة الليلة الثالثة ، ورمى يومها فذلك له واسع ؛ لقوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، ومن لم ينفر حتى غربت الشمس فعليه أن يبيت حتى يرمي اليوم الثالث ثم ينفر ، [وقوله](وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، يعني : لا إثم على من تعجّل فنفر في اليوم الثاني في تعجيله ، ومن تأخّر حتى ينفر في اليوم الثالث فلا إثم عليه في تأخيره ، وقيل معناه : فمن تعجّل فقد ترخّص فلا إثم عليه بالترخص ، ومن تأخر فلا إثم عليه [في ذلك](٤) بترك الترخص ، وقيل معناه : رجع مغفورا له لا ذنب عليه تعجل أو تأخر.
ع [م ١٩٥] كما روينا : «من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع (٥) كيوم ولدته أمه».
وهذا قول علي وابن مسعود. قوله تعالى : (لِمَنِ اتَّقى) ، أي : لمن اتقى أن يصيب في حجه شيئا نهاه الله عنه (٦) ، كما قال : «من حج فلم يرفث ولم يفسق» (١) ، قال ابن مسعود : إنما جعلت مغفرة الذنوب لمن اتّقى الله تعالى في حجّه ، وفي رواية الكلبي عن ابن عباس معناه : لمن اتّقى الصيد ، لا يحلّ له أن يقتل صيدا حتى تخلو (٧) أيام التشريق ، وقال أبو العالية : ذهب إثمه إن اتقى فيما بقي من عمره ، [(وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) : تجمعون في الآخرة يجزيكم بأعمالكم](٨).
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (٢٠٤))
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ،
[٢٠٩] قال الكلبي ومقاتل وعطاء : نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة ، واسمه أبي ، وسمّي الأخنس لأنه [كان](٩) خنس يوم بدر بثلاثمائة رجل من بني زهرة عن قتال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر ، وكان يأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيجالسه ويظهر الإسلام [عنده] ، ويقول [له](٩) : إني لأحبك ويحلف بالله على ذلك ، وكان منافقا فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدني مجلسه ، فنزل قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، أي : تستحسنه ويعظم في قلبك.
ويقال في الاستحسان أعجبني كذا ، وفي الكراهية والإنكار : عجبت من كذا ، (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما
__________________
ع [م ١٩٥] ـ صحيح. وهو مكرر برقم : ١٩٥.
(١) هو المتقدم.
[٢٠٩] ـ ضعيف. ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨) باختصار شديد عن الكلبي ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر. وهذا ليس بشيء ، الكلبي متروك متهم.
وأخرجه الطبري ٣٩٦٤ عن السدي مرسلا ، وهذا واه ، والخبر غير صحيح.
__________________
(١) في المطبوع «بسبع».
(٢) في المطبوع «يرمي».
(٣) في المطبوع «فيدع».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيد في المطبوع وحده عقب لفظ «رجع» : «أي : خرج من ذنوبه».
(٦) في المطبوع «عنها».
(٧) في المطبوع وحده «تنقضي» والمثبت عن المخطوطتين ونسخة ـ ط ـ.
(٨) سقط من المخطوط.
(٩) ما بين المعقوفتين زيادة عن المخطوط.