إلى رويّة (١) ولا فكر ، قال الحسن : أسرع من لمح البصر. وقيل : معناه إتيان القيامة قريب لأن ما هو كائن (٢) لا محالة فهو قريب ، قال الله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى : ١٧].
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ) ، يعني : التكبيرات أدبار الصلاة وعند الجمرات ، يكبّر مع كل حصاة وغيرها من الأوقات ، (فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) الأيام المعدودات هي أيام التشريق وهي أيام منى ورمي الجمار ، سمّيت معدودات لقلّتهن ؛ كقوله : (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) [يوسف : ٢٠] ، والأيام المعلومات : عشر ذي الحجّة آخرهن يوم النحر ، هذا قول أكثر أهل العلم ، وروي عن ابن عباس : المعلومات يوم النحر ، ويومان بعده والمعدودات أيام التشريق ، وعن عليّ قال : المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده ، وقال عطاء عن ابن عباس : المعلومات يوم عرفة ، ويوم النحر وأيام التشريق. وقال محمد بن كعب : هما شيء واحد وهي أيام التشريق.
ع [٢٠٨] وروي عن نبيشة الهذلي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله».
ومن الذكر في أيام التشريق التكبير ، واختلفوا فيه فروي عن عمرو عن عبد الله بن عمر أنهما كانا يكبّران بمنى تلك الأيام خلف الصلاة وفي المجالس (٣) وعلى الفراش والفسطاط وفي الطريق ، ويكبّر الناس بتكبيرهما ، ويتلوان هذه الآية ، والتكبير أدبار الصلوات (٤) مشروع في هذه الأيام في حق الحاج وغير الحاج عند عامة العلماء ، واختلفوا في قدره فذهب قوم إلى أنه يبتدئ التكبير عقب صلاة الصبح من يوم عرفة ويختم بعد العصر من آخر أيام التشريق ، يروى ذلك عن عمر وعن عليّ رضي الله عنهما ، وبه قال مكحول وإليه ذهب أبو يوسف رضي الله عنه [وهو المرجح عند الشافعي](٥) ، وذهب قوم إلى أنه يبتدئ التكبير عقيب صلاة الصبح من يوم عرفة ، ويختم بعد العصر من يوم النحر ، يروى ذلك عن ابن مسعود ، وبه قال أبو حنيفة رضي الله عنه ، وقال قوم : يبتدئ التكبير عقيب صلاة الظهر من يوم النحر ويختم بعد [صلاة](٦) الصبح من آخر أيام التشريق ، يروى ذلك عن ابن عباس ، وبه قال مالك والشافعي في أحد قوليه ، قال الشافعي : لأن الناس فيه تبع للحاج ، وذكر الحاج قبل هذا الوقت التلبية ، ويأخذون في التكبير يوم النحر من بعد صلاة الظهر ، ولفظ التكبير : كان سعيد بن جبير والحسن يقولان : الله أكبر الله أكبر ثلاثا نسقا ، وهو قول أهل المدينة وإليه ذهب الشافعي ، وقال : وما زاد من ذكر الله فهو حسن ، وعند أهل العراق يكبّر اثنين ، يروى ذلك عن ابن مسعود ، قال تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، أراد من نفر الحاج في اليوم الثاني من أيام التشريق ، فلا إثم عليه ، وذلك أنه على الحاج أن يبيت
__________________
ع [٢٠٨] ـ صحيح. أخرجه مسلم ١١٤١ وأبو داود ٢٨١٣ والنسائي (٧ / ١٧٠) وأحمد (٥ / ٧٥ و ٧٦) والطحاوي (٢ / ٢٤٥) والبيهقي (٤ / ٢٩٧) من حديث نبيشة الهذلي.
ـ وفي الباب من حديث كعب بن مالك عند مسلم ١١٤٢.
ـ وعن بشر بن سحيم عند النسائي (٨ / ١٠٤) وابن ماجه ١٧٢٠ والطيالسي ١٢٩٩ وابن أبي شيبة (٤ / ٢٠ ـ ٢١) والدارمي (٢ / ٢٣ ـ ٢٤) والطحاوي (٢ / ٢٤٥) والطبري ٣٩١٤ والبيهقي (٤ / ٢٩٨).
__________________
(١) في المطبوع «رؤية».
(٢) في المطبوع «آت».
(٣) في المطبوع «المجلس».
(٤) في المطبوع «الصلاة».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.