محمد بن إسماعيل ، أخبرنا زهير بن حرب أخبرنا وهب بن جرير ، أخبرنا أبي عن يونس الأيلي عن الزهري عن عبيد الله (١) بن عبد الله عن ابن عباس أن أسامة بن زيد كان ردف رسول الله صلىاللهعليهوسلم من عرفة إلى المزدلفة ، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى ، قال : فكلاهما قالا : لم يزل النبيّ صلىاللهعليهوسلم يلبّي حتى رمى جمرة العقبة.
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) ، أي : واذكروه بالتوحيد والتعظيم ، كما ذكركم بالهداية ، فهداكم لدينه ومناسك حجّة ، (وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) ، أي : وقد كنتم [قبل](١) ، [أي](١) : وما كنتم من قبله إلا من الضالين ؛ كقوله تعالى : (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) [الشعراء : ١٨٦] ، أي : وما نظنك إلا من الكاذبين ، والهاء في قوله : (مِنْ قَبْلِهِ) راجعة إلى الهدى ، وقيل : إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم كناية عن غير مذكور.
(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩))
. قوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) ، قال أهل التفسير : كانت قريش وحلفاؤها ومن دان بدينها وهم الحمس ، يقفون (٢) بالمزدلفة ويقولون : نحن أهل الله وقطّان حرمه ، فلا نخلف الحرم ولا نخرج منه ، ويتعظّمون أن يقفوا مع [سائر العرب](٣) بعرفات ، [وسائر الناس كانوا يقفون بعرفات](٣) ، فإذا أفاض الناس من عرفات أفاض الحمس من المزدلفة ، فأمرهم الله أن يقفوا بعرفات ويفيضوا منها إلى جمع مع سائر الناس ، وأخبرهم أنه سنّة إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام ، وقال بعضهم : خاطب به جميع المسلمين ، وقوله تعالى : قال (مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) من جمع ، أي : ثم أفيضوا من جمع إلى منىّ ، وقالوا : لأن الإفاضة من عرفات قبل الإفاضة من جمع ، فكيف يسوغ أن يقول :فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله ثم أفيضوا من عرفات؟ والأول قول أكثر أهل التفسير ، وفي الكلام تقديم وتأخير ، تقديره : فمن فرض فيهن الحجّ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ، ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ، وقيل : ثم بمعنى الواو ، أي : وأفيضوا ؛ كقوله تعالى : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [البلد : ١٧] ، وأما الناس فهم العرب كلهم غير الحمس ، وقال الكلبي : هم أهل اليمن وربيعة ، وقال الضحاك : الناس هاهنا إبراهيم عليهالسلام وحده ؛ كقوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) [النساء : ٥٤] ، وأراد محمدا صلىاللهعليهوسلم وحده ، ويقال هذا الذي يقتدى به ويكون لسان قومه ، وقال الزهري : الناس هاهنا آدم عليهالسلام وحده ، دليله قراءة سعيد بن جبير : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) ، بالياء ، وقال : هو آدم نسي عهد الله حين أكل من الشجرة.
[٢٠١] أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا
__________________
(١) وقع في الأصل «عبد» والتصويب من صحيح البخاري.
[٢٠١] ـ إسناده صحيح ، محمد بن إسماعيل هو البخاري ، ومن دونه ثقات ، وعبد الله بن يوسف هو التّنّيسي روى له البخاري ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
ـ هو في «شرح السنة» ١٩٢٦ بهذا الإسناد.
ـ وهو عند البخاري ١٦٦٦ عن عبد الله بن يوسف بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري (٢٩٩٩ و ٤٤١٣) ومسلم ١٢٨٦ وأبو داود ١٩٢٣ والنسائي (٥ / ٢٥٨) و (٢٥٩) وابن ماجه ٣٠١٧ وأحمد (٥ / ٢٠٥) و (٢٠٢ و ٢١٠) والدارمي ١٨٢١ والبغوي ١٩٢٦ من طرق عن هشام بن عروة به.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «يقعون».
(٣) زيد في المطبوع.