ع [١٩٢] قال عكرمة : سئل ابن عباس عن متعة الحج ، فقال :
أهلّ المهاجرون والأنصار وأزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم في حجّة الوداع ، وأهللنا فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلّد الهدي» ، فطفنا بالبيت بالصفا والمروة وأتينا النساء ولبسنا الثياب ثم أمرنا عشية التروية أن نهلّ بالحجّ ، فإذا فرغنا فقد تمّ حجّنا وعلينا الهدي.
فجمعوا بين نسكين في عام ، بين الحجّ والعمرة ، فإن الله أنزله في كتابه وسنّه نبيه ، وأباحه للناس غير أهل مكّة ، قال الله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ، ومن فاته الحج ، وفواته يكون بفوات الوقوف بعرفة ، حتى يطلع الفجر يوم النحر فإنه يتحلّل بعمل العمرة ، وعليه القضاء من قابل ، والفدية وهي على الترتيب والتقدير كفدية التمتع والقران.
[١٩٣] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن نافع ، عن سليمان بن يسار أن هبّار (١) بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال : يا أمير المؤمنين أخطأنا العدد كنّا نظنّ أن هذا اليوم يوم عرفة ، فقال له عمر : اذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك بالبيت ، واسعوا بين الصفا والمروة ، وانحروا هديا إن كان معكم ، ثم احلقوا وقصروا ، ثم ارجعوا فإذا كان العام القابل فحجّوا وأهدوا ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
(وَاتَّقُوا اللهَ) : في أداء الأوامر ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ، على ارتكاب المناهي.
(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (١٩٧))
قوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ، أي : وقت الحجّ أشهر معلومات ، وهي : شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجّة إلى طلوع الفجر من يوم النحر ، ويروى عن ابن عمر : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجّة ، وكل واحد من اللفظين صحيح غير مختلف فيه ، فمن قال : عشر عبّر به عن الليالي ، ومن قال تسع عبّر به عن الأيام ، فإن آخر أيامها يوم عرفة وهو اليوم التاسع ، وإنما قال : (أَشْهُرٌ) بلفظ الجمع وهي شهران وبعض الثالث لأنها وقت ، والعرب تسمي الوقت تاما بقليله وكثيره ، فتقول (١) : أتيتك يوم
__________________
ع [١٩٢] ـ ذكره البخاري ١٥٧٢ معلقا عن أبي كامل فضيل بن حسين عن أبي معشر عن عثمان بن غياث عن عكرمة عن ابن عباس بأتم منه.
قال الحافظ في «الفتح» (٣ / ٤٣٤) : وصله الإسماعيلي قال : حدثنا القاسم المطرز ، حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أبو كامل ـ فذكره بطوله ـ لكنه قال : «عثمان بن سعد» بدل «عثمان بن غياث» وكلاهما بصري ، وله رواية عن عكرمة ، لكن عثمان بن غياث ثقة ، وعثمان بن سعد ضعيف ، وقد أشار الإسماعيلي إلى أن شيخه القاسم وهم في قوله : «عثمان بن سعد» ويؤيده أن أبا مسعود الدمشقي ذكر في الأطراف أنه وجده من رواية مسلم بن الحجاج عن أبي كامل ، كما ساقه البخاري قال : فأظن البخاري أخذه عن مسلم ، لأنني لم أجده إلا من رواية مسلم.
ـ وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم ١٢٤٧ وأحمد (٣ / ٥) و (٧١ و ٧٥) وابن حبان ٣٧٩٣ والبيهقي (٥ / ٣١ و ٤٠).
[١٩٣] ـ مرسل صحيح. سليمان بن يسار تابعي ثقة ثبت ، لكنه لم يدرك عمر بن الخطاب ، فالخبر مرسل.
هو في «شرح السنة» ١٩٩٥ بهذا الإسناد رواه المصنف من طريق مالك ، وهو في «الموطأ» (١ / ٣٨٣) عن نافع به.
(١) وقع في الأصل «هناد» والتصويب عن كتب التخريج.
__________________
(١) في المطبوع «فيقول» وزيد في المخطوط عقب «فتقول» «العرب».