أهدى فليطف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويقصّر وليحلل (١) ، ثم ليهلّ بالحج فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» ، فطاف حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء ، ثم خبّ ثلاثة أطواف (٢) ومشى أربعا فركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ، ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف (٢) ثم لم يتحلّل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حلّ من كل شيء حرم منه ، وفعل مثل ما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أهدى وساق الهدي من الناس.
وعن عروة (١) عن عائشة رضي الله عنها أخبرته عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في تمتّعه بالعمرة إلى الحج ، فتمتع الناس معه بمثل الذي أخبرني سالم عن ابن عمر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال [الشيخ](٣) رضي الله عنه : قد اختلف الرواة في إحرام النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، كما ذكرناه وذكر الشافعي في كتاب «اختلاف الحديث» (٤) كلاما موجزا أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان منهم المفرد والقارن والمتمتع ، وكلّ كان يأخذ منه [صلىاللهعليهوسلم] أمر نسكه ويصدر عن تعليمه ، فأضيف الكل إليه على معنى أنه أمر بها وأذن فيها ، ويجوز في لغة العرب إضافة الفعل (٥) إلى الأمر به ، كما يجوز إضافته إلى الفاعل له ، كما يقال : بنى فلان دارا وأريد أنه أمر ببنائها ، وكما :
ع [١٨٤] روي أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم رجم ماعزا.
وإنّما أمر برجمه ، واختار الشافعي الإفراد ، لرواية جابر وعائشة وابن عمر وقدّمها على رواية غيرهم لتقدم صحبة جابر للنبيّ صلىاللهعليهوسلم (٦) ، وحسن سياقه لابتداء قصة حجّة الوداع وآخرها ، ولفضل حفظ عائشة ، وقرب ابن عمر من النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ومال الشافعي في «اختلاف الحديث» (٤) إلى التمتّع ، وقال : ليس شيء من الاختلاف أيسر من هذا ، وإن كان الغلط فيه قبيحا من جهة أنه مباح ، لأن الكتاب ثم السنّة ثم ما لا أعلم فيه خلافا يدلّ على أن التمتّع بالعمرة إلى الحجّ وإفراد الحج والقران واسع كله ، [أي التمتع والإفراد والقران](٧) ، وقال : من قال إنه أفرد الحج يشبه أن يكون قاله على ما [لا](٨) يعرف من أهل العلم الذين أدركوا دور رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أحدا لا يكون مقيما على الحج إلا وقد ابتدأ إحرامه بالحجّ ، قال الشيخ (٩) : ومما يدلّ على أنه كان متمتعا أن الرواية عن ابن عمر وعائشة متعارضة ، وقد :
ع [١٨٥] روينا عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال : تمتع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجّة الوداع بالعمرة إلى الحج.
وقال ابن شهاب عن عروة : إنّ عائشة أخبرته عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في تمتعه بالعمرة إلى الحج ، فتمتع
__________________
(١) الراوي عن عروة هو الزهري ، وعروة هو ابن الزبير. أكثر الرواية عن خالته عائشة رضي الله عنها.
ع [١٨٤] ـ يأتي في سورة النساء إن شاء الله.
ع [١٨٥] ـ تقدم برقم ١٨٣.
__________________
(١) في المطبوع «وليتحلل».
(٢) في المطبوع «أشواط».
(٣) في نسخ المطبوع «شيخنا الإمام».
(٤) في المطبوع «الأحاديث».
(٥) في المخطوط «إضافته». وفي نسخة ط «إضافة الشيء».
(٦) في المطبوع «النبي».
(٧) زيد في المطبوع وحده.
(٨) سقط من المطبوع وحده.
(٩) في المطبوع «شيخنا الإمام».