كما قال الله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ، فمن زاد بعد ذلك فهو خير وتطوّع ، واتفقت الأمة على أنه يجوز أداء الحجّ والعمرة على ثلاثة أوجه (١) : الإفراد والتمتع والقران ، فصورة الإفراد أن يفرد الحج ، ثم بعد الفراغ منه يعتمر ، وصورة التمتع : أن يعتمر في أشهر الحج ثم بعد الفراغ من أعمال العمرة يحرم بالحج من مكة ، فيحج في هذا العام ، وصورة القران أن يحرم بالحج والعمرة معا ، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل أن يفتتح الطواف ، فيصير قارنا ، واختلفوا في الأفضل من هذه الوجوه فذهب جماعة إلى أن الإفراد أفضل ثم التمتع ثم القران وهو قول مالك والشافعي ، لما :
[١٧٨] أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة بن الزبير عن عائشة أمّ المؤمنين أنها قالت :
خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام حجّة الوداع فمنّا من أهلّ بعمرة ، ومنّا من أهلّ بحج وعمرة ، ومنّا من أهلّ بالحج (٢) ، وأهلّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحج ، فأمّا من أهلّ بالعمرة فحلّ وأمّا من أهلّ بالحج أو جمع بين الحج والعمرة ، فلم (١) يحلّ حتى كان يوم النحر.
[١٧٩] أخبرنا عبد الوهّاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وهو يحدث عن حجّة النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا ننوي إلا الحج ، ولا نعرف غيره ولا نعرف العمرة.
__________________
[١٧٨] ـ إسناده صحيح على شرطهما.
ـ وهو في «شرح السنة» ١٨٦٧ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه مالك (١ / ٣٣٥) من طريق أبي الأسود بهذا الإسناد ومن طريق مالك.
أخرجه البخاري ١٥٦٢ ومسلم (١٢١١ / ح ١١٨). وأبو داود ١٧٧٩ ١٧٨٠ والطحاوي (٢ / ١٤٠) و (١٩٦).
(١) وقع في الأصل «فلن» والتصويب من «شرح السنة» وكتب الحديث.
[١٧٩] ـ ضعيف بهذا التمام. إسناده ضعيف لضعف مسلم وهو ابن خالد الزنجي ، وباقي رجال الإسناد ثقات ، ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز ، محمد هو ابن علي بن الحسين.
وهو في «شرح السنة» ١٨٦٩ بهذا الإسناد دون قوله «ولا نعرف العمرة».
وهو في مسند الشافعي (١ / ٣٧٠) عن مسلم بن خالد الزنجي بهذا الإسناد ، بأتم من هذا السياق وهو بهذا اللفظ ضعيف ، بل زيادة «ولا نعرف العمرة» منكر. وقد صح الحديث.
ـ بدون لفظ «ولا نعرف العمرة» أخرجه البخاري ٢٥٠٥ و ٢٥٠٦ من طريق ابن جريج عن عطاء عن جابر ، وعن طاوس عن ابن عباس قال : قدم النبي صلىاللهعليهوسلم صبح رابعة من ذي الحجة مهلّين بالحج لا يخلطهم شيء ، فلما قدمنا أمرنا فجعلناها عمرة ....».
وأخرجه مسلم ١٢١٦ من طريق يحيى بن سعيد عن ابن جريج به بلفظ : «أهللنا أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم بالحج خالصا وحده ....».
وأخرجه أبو داود ١٧٨٧ من طريق الأوزاعي عن عطاء عن جابر قال : «أهللنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحج خالصا لا يخالطه شيء ....».
الخلاصة : الوهن فقط في لفظ : «ولا نعرف العمرة». والله أعلم.
__________________
(١) في المخطوط «أقسام».
(٢) في المطبوع «بحج».