الواسطي ، أخبرنا واصل مولى أبي عيينة (١) عن بشار بن أبي سيف ، عن الوليد بن عبد الرحمن عن عياض بن غطيف (٢) قال : أتينا أبا عبيدة نعوده قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله ، فبسبعمائة ، ومن أنفق نفقة على أهله فالحسنة بعشر أمثالها».
وقال زيد بن أسلم : كان رجال يخرجون في البعوث بغير نفقة ، فإما أن يقطع بهم وإما أن يكونوا عيالا ، فأمرهم الله تعالى بالإنفاق على أنفسهم في سبيل الله ، ومن لم يكن عنده شيء ينفقه ، فلا يخرج بغير نفقة ولا قوت فيلقي بيده إلى التهلكة ، فالتهلكة : أن يهلك من الجوع والعطش أو من المشي ، وقيل : نزلت الآية في ترك الجهاد.
ع [١٧٤] قال أبو أيوب الأنصاري : نزلت فينا معشر الأنصار ، وذلك أن الله تعالى لمّا أعزّ [دينه](١) ونصر رسوله ، قلنا فيما بيننا : إنا قد تركنا أهلنا وأموالنا حتى فشا الإسلام ونصر الله نبيّه فلو رجعنا إلى أهلنا وأموالنا فأقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله تعالى : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
والتهلكة الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد ، فما زال أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى كان آخر غزوة غزاها بقسطنطينية في زمن معاوية ، فتوفي هناك ودفن في أصل سور القسطنطينية ، وهم يستسقون به.
ع [١٧٥] وروي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق».
وقال محمد بن سيرين وعبيدة السلماني : الإلقاء (٢) إلى التهلكة هو القنوط من رحمة الله تعالى ، قال أبو قلابة : هو الرجل يصيب الذنب فيقول قد هلكت ليس لي توبة ، فييأس من رحمة الله وينهمك في المعاصي ، فنهاهم الله تعالى عن ذلك ، قال الله تعالى : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) [يوسف : ٨٧] ، (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
__________________
(١) في الأصل «عتبة» والتصويب عن كتب التخريج والتراجم.
(٢) يقال : غضيف ، و : غطيف ،. ويقال : «غطيف بن عياض».
ع [١٧٤] ـ صحيح. أخرجه أبو داود ٢٥١٢ والترمذي ٢٩٧٢ والطبري ٣١٧٩ والطيالسي ٥٩٩ والطبراني ٤٠٦٠ وابن حبان ٤٧١١ والحاكم (٢ / ٢٧٥) وابن عبد الحكم في «فتوح مصر» (ص ٢٦٩ ـ ٢٧٠) والبيهقي (٩ / ٩٩) من طرق عن حيوة بن شريح قال : سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول : «حدثني أسلم أبو عمران مولى لكندة قال : كنا بمدينة الروم ، فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم ، وخرج إليهم مثله أو أكثر ، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحمل رجل من المسلمين على صفّ الروم حتى دخل فيهم ، فصاح به الناس ، وقالوا : سبحان الله تلقي بيدك إلى التهلكة؟ فقام أبو أيوب الأنصاري فقال : ....».
وإسناده صحيح ، صححه الحاكم على شرطهما! ووافقه الذهبي! مع أن مداره على أسلم بن يزيد التّجيبي ، ولم يرويا له شيئا ، وإنما هو من رجال كتب السنن ، وهو ثقة بكل حال. والله أعلم.
ع [١٧٥] ـ صحيح. أخرجه مسلم ١٩١٠ والبخاري في «التاريخ الكبير» (٣ / ١٩٢) وأبو داود ٢٥٠٢ والنسائي (٦ / ٨) وأحمد (٢ / ٣٧٤) والحاكم (٢ / ٧٩) وابن الجارود ١٠٣٦ والخطيب البغدادي في «الموضح» (٢ / ٤٤٣) وابن أبي عاصم في «الجهاد» ٤٣ وأبو نعيم في «الحلية» (٨ / ١٦٠) والبيهقي (٩ / ٤٨) من طريق أبي صالح من حديث أبي هريرة.
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) في المخطوط «إلا إلقاء».