بلغنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أهلّ زمن الحديبية بالعمرة فدخل حجرة فدخل رجل على أثره من الأنصار من بني سلمة ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «لم فعلت ذلك؟» قال : لأني رأيتك دخلت ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني أحمس» (١) ، فقال الأنصاري : وأنا أحمس (١) ، يقول : وأنا على دينك ، فأنزل الله تعالى : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها).
قرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر «البيوت ، والغيوب ، والجيوب ، والعيون ، وشيوخا» بكسر أوائلهن ، لمكان الياء ، وقرأ الباقون بالضم على الأصل ، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي «جيوبهن» بكسر الجيم ، وقرأ أبو بكر وحمزة «الغيوب» بكسر الغين ، (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) ، أي : البرّ برّ من اتقى (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) ، [أي] : في حال الإحرام ، (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠))
(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) ، أي : في طاعة الله ، (الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) ، كان في ابتداء الإسلام أمر الله تعالى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بال كفّ عن قتال المشركين ، ثم لمّا هاجر إلى المدينة أمره بقتال من قاتله منهم بهذه الآية ، وقال الربيع بن أنس : [هذه أول آية نزلت في القتال ، ثم أمره بقتال المشركين كافّة ، قاتلوا أو لم يقاتلوا بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ٥] ، فصارت](٢) هذه الآية منسوخة بها [حكما](٣) ، وقيل : نسخ بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) قريب من سبعين آية. وقوله : (وَلا تَعْتَدُوا) ، أي : ولا تبدءوهم بالقتال ، وقيل : هذه الآية محكمة غير منسوخة ، أمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم بقتال المقاتلين ، ومعنى قوله : (وَلا تَعْتَدُوا) ، أي : لا تقتلوا النساء والصبيان والشيخ الكبير والرهبان ، ولا من ألقى إليكم السلام (٤) ، هذا قول ابن عباس ومجاهد.
[١٧٠] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو بكر بن محمد بن سهل القهستاني المعروف بأبي تراب ، أخبرنا محمد بن عيسى الطرسوسي (١) ، أنا يحيى بن بكير أنا الليث بن سعد عن
__________________
[١٧٠] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم لتفرده عن سليمان ، يحيى هو ابن عبد الله بن بكير ، شعبة هو ابن الحجاج بن الورد.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٦٦٣ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه مسلم ١٧٣١ وأبو داود ٢٦١٢ و ٢٦١٣ والترمذي ١٤٠٨ و ١٦١٧ والنسائي في «الكبرى» ٨٥٨٦ و ٨٦٨٠ وابن ماجه ٢٨٥٨ والشافعي (٢ / ٣٨٤) وعبد الرزاق ٩٤٢٨ وأحمد (٥ / ٣٥٢) و (٣٥٨) والدارمي (٢ / ١٣٦) وأبو يعلى ١٤١٣ والطبراني في «الصغير» (١ / ١٢٣) والطحاوي في «المعاني» (٣ / ٢٠٦) و ٢٢١ وابن الجارود ١٠٤٢ وابن حبان ٤٧٣٩ والبيهقي (٩ / ٤٩) و ٦٩ و ١٨٤ من طرق عن علقمة بن مرثد بهذا الإسناد.
مطولا ، وليس عند مسلم وغيره «ولا شيخا كبيرا».
ـ أما لفظ المصنف بتمامه فهو عند البزار (٢ / ٦٧٤) والطبراني في «الصغير» (١ / ١٨٧) والخطيب في «تاريخه» (٤ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧) من طريق أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي عن عثمان بن سعيد المري عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة وعن أبي موسى مرفوعا بهذا اللفظ.
وأبو إسحاق مدلس وقد عنعنه لكن للحديث شواهد يقوى بها منها حديث أنس عند أبي داود ٢٦١٤ لكن فيه خالد بن الفرز ، وهو لين الحديث.
(١) وقع في الأصل «الطوسي» والتصويب من «شرح السنة» و «ط» و «الأنساب» (٤ / ٦٢)
__________________
(١) في المطبوع «أحمسي».
(٢) زيد في نسخ المطبوع.
(٣) زيادة من المخطوط.
(٤) في المخطوط «السلم».