يقال : البر زيد ، واختلفوا في وجهه ، قيل : لما وقع (مَنْ) في موضع (١) المصدر جعله خبرا للبر ، كأنه قال : ولكن البر الإيمان بالله ، والعرب تجعل الاسم خبرا للفعل ، وأنشد الفراء :
لعمرك ما الفتيان إن تنبت اللّحى |
|
ولكنما الفتيان كل فتى ندي |
فجعل نبات اللحية خبرا للفتى ، وقيل : فيه إضمار ، تقديره (٢) : ولكنّ البر [بر](٣) من آمن بالله ، فاستغنى بذكر الأول عن الثاني ؛ كقولهم : الجود حاتم ، أي : الجود جود حاتم ، وقيل معناه : ولكن ذا البرّ من آمن بالله ؛ كقوله تعالى : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) [آل عمران : ١٦٣] ، أي : ذوو درجات ، وقيل معناه : ولكن البار من آمن بالله ؛ كقوله تعالى : (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) [طه : ١٣٢] ، أي : للمتقي ، والمراد من البرّ هاهنا الإيمان والتقوى ، (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ) : كلهم ، (وَالْكِتابِ) ، يعني : الكتب المنزّلة ، (وَالنَّبِيِّينَ) : أجمع ، (وَآتَى الْمالَ) ، أي : أعطى المال (عَلى حُبِّهِ) اختلفوا في هذه الكناية فقال أكثر أهل التفسير : إنها راجعة إلى المال أي : أعطى المال في حال صحته ومحبته المال ، قال ابن مسعود : أن تؤتيه وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر.
[١٢٣] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا [موسى بن إسماعيل](٤) أخبرنا عبد الواحد ، ثنا عمارة بن القعقاع أنا أبو زرعة ، أخبرنا أبو هريرة قال :
جاء رجل إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله أيّ الصّدقة أعظم أجرا؟ قال : «أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل ، حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ، وقد كان لفلان».
وقيل : هي عائدة إلى الله عزوجل ، أي : على حب الله تعالى ، (ذَوِي الْقُرْبى) : أهل القرابة.
[١٢٤] أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ،
__________________
[١٢٣] ـ إسناده صحيح على شرطهما ، محمد بن إسماعيل هو البخاري ، وموسى بن إسماعيل هو المنقري ، عبد الواحد هو ابن زياد ، أبو زرعة ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي ، قيل اسمه : هرم ، وقيل : عبد الله ، وقيل : عبد الرحمن ، وقيل : جرير.
وهو في «شرح السنة» ١٦٦٥ بهذا الإسناد.
ـ رواه المصنف من طريق البخاري ، وهو في «صحيحه» ١٤١٩ عن موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٢٧٤٨ ومسلم ١٠٣٢ وأبو داود ٢٨٦٥ والنسائي (٥ / ٦٨) وابن ماجه ٢٧٠٦ وأحمد (٢ / ٢٥) و ٢٣١ و ٤١٥ و ٤٤٧ وابن خزيمة ٢٤٥٤ وابن حبان ٣٣١٢ والبيهقي (٤ / ١٨٩ ـ ١٩٠) من طرق عن عمارة بن القعقاع بهذا الإسناد.
[١٢٤] ـ حديث صحيح. إسناده لين لأجل الرّباب وهي بنت صليح ، حيث وثقها ابن حبان وحده ، وقال الحافظ : مقبولة. أي إن توبعت ، وقد تابعها ابن سيرين على المتن ، وللحديث شواهد. قتيبة هو ابن سعيد ، عاصم هو ابن النضر.
ـ وهو في «شرح السنة» ١٦٧٨ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «جامع الترمذي» ٦٥٨ عن قتيبة بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٥ / ٩٢) وابن ماجه ١٨٤٤ وأحمد (٤ / ١٧ و ١٨ و ٢١٤) والحميدي ٨٢٣ والدارمي (١ / ٣٩٧) وابن خزيمة ٢٣٨٥ وابن حبان ٣٣٤٤ والطبراني (٦٢٠٦ ـ ٦٢١١). والبيهقي (٤ / ١٧٤) من طرق عن حفصة بنت سيرين بهذا الإسناد.
__________________
(١) في المطبوع «موقع».
(٢) في المطبوع «معناه».
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) سقط من المخطوط.