الأصم ، أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه عن ابن عمر قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أحلّت لنا ميتتان ودمان ، الميتتان : الحوت والجراد ، والدمان : أحسبه قال : الكبد والطحال».
(وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) ، أراد به جميع أجزائه ، فعبّر عن ذلك باللحم لأنه معظمه ، (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) ، أي : ما ذبح للأصنام والطواغيت ، وأصل الإهلال رفع الصوت [لأن المشركين](١) كانوا إذا ذبحوا لآلهتهم [شيئا](٢) يرفعون أصواتهم بذكرها ، فجرى ذلك من أمرهم حتى قيل لكل ذابح وإن لم يجهر بالتسمية : مهل ، وقال الربيع بن أنس وغيره : (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) ، قال : ما ذكر عليه اسم غير الله ، (فَمَنِ اضْطُرَّ) ، بكسر النون وأخواته ، عاصم وحمزة ، ووافق أبو عمرو إلا في اللام والواو مثل : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) [الإسراء : ١١٠] ، ويعقوب إلا في الواو ، ووافق ابن عامر في التنوين ، والباقون كلهم بالضم ، فمن كسر قال لأن الجزم يحرّك إلى الكسر ، ومن ضمّ فلضمه أول الفعل ، نقل حركتها إلى ما قبلها ، وأبو جعفر بكسر الطاء ومعناه فمن اضطر إلى أكل الميتة ، أي : أحوج وألجئ إليه ، (غَيْرَ) ، نصب على الحال ، وقيل : على الاستثناء ، وإذا رأيت (غير) يصلح في موضعها «لا» (٣) فهي حال ، وإذا صلح في موضعها «إلا» فهي استثناء ، (باغٍ وَلا عادٍ) ، أصل البغي : قصد الفساد ، يقال : بغى الجرح يبغي بغيا إذا ترامى إلى الفساد ، وأصل العدوان : الظلم ومجاوزة الحد ، يقال : عدا عليه عدوا (٤) وعدوانا إذا ظلم ، واختلفوا في معنى قوله : (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) ، فقال بعضهم : (غَيْرَ باغٍ) ، أي : غير خارج على السلطان ، (وَلا عادٍ) ، [أي : ولا](٥) متعد عاص بسفره ، بأن خرج لقطع الطريق أو الفساد في الأرض ، وهو قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير ، وقالوا : لا يجوز للعاصي بسفره أن
__________________
موقوفا قال أبو زرعة : الموقوف أصح ا ه.
وأشار إلى ذلك ابن عدي فقال (٤ / ٨٦) عقب الرواية : وأما ابن وهب عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال : «أحلت ....» وقال : وهذا إسناد صحيح ، وهو في معنى المسند. وقد رفعه أولاد زيد عن أبيهم ، ثم كرره عن أولاد زيد عن زيد عن ابن عمر مرفوعا. وقال : أولاد زيد كلهم ضعفاء ، جرحهم يحيى بن معين. وكان علي المديني وأحمد بن حنبل يوثقان عبد الله بن زيد. وذكر نحو هذا ابن عدي (١ / ٣٩٧) لكن وقع عنده عمر بدل ابن عمر ، سواء الموقوف أو المرفوع ، ولعل هناك سقطا ، فالصواب كونه عن ابن عمر سواء المرفوع أو الموقوف ، وبكل حال قد صح موقوفا ، وله حكم الرفع لأنه مثل : «أمرنا ونهينا وحرّم علينا وأحل لنا» وأشباه ذلك فله حكم الرفع عند جمهور أهل العلم ، كما هو مقرر في كتب هذا الفن ، فالحديث حسن إن شاء الله.
ـ ورأيت له شاهدا من حديث أبي سعيد لكنه ضعيف أخرجه الخطيب في «تاريخه» (١٣ / ٢٤٥) وأعله بمسور بن الصلت ، ونقل عن النسائي قوله : متروك.
وقال : قال الدارقطني : ضعيف.
وانظر «تفسير الشوكاني» ٢٥٤ و «الكشاف» ٧٦ والقرطبي ٧٩٦.
ونقل الزيلعي في «نصب الراية» (٤ / ٢٠٢) عن ابن عبد الهادي قوله : هو موقوف في حكم الرفع ، وقال مثل ذلك الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (١ / ٢٦). والله أعلم.
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) تحرف «لا» في المطبوع إلى «إلا».
(٤) في المخطوط «عداوة».
(٥) سقط من المطبوع.