أطعتم الله ، ثم تقسم بين المؤمنين فذلك حين يندمون ويتحسّرون (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) [بكفرهم وموتهم عليه](١).
(يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (١٦٩) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) ، نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة ، وبني مدلج فيما حرّموا على أنفسهم من الحرث والأنعام ، والبحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، والحلال ما أحلّه الشرع طيّبا ، قيل : ما يستطاب ويستلذّ ، والمسلم يستطيب الحلال ويعاف (٢) الحرام ، وقيل : الطيب [الطاهر](٣) ، (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) ، قرأ أبو جعفر وابن عامر والكسائي وحفص ويعقوب بضم الطاء ، والباقون بسكونها ، (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) آثاره وزلاته ، وقيل : هي النذور في المعاصي ، وقال أبو عبيدة : هي المحقّرات من الذنوب ، وقال الزجاج : طرقه ، (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) : بيّن العداوة [وقيل : مظهر العداوة](٤) وقد أظهر عداوته بإبائه السجود لآدم وغروره إيّاه ، حين (٥) أخرجه من الجنّة ، و (أبان) (٦) يكون لازما ومتعديا ، ثم ذكر عداوته فقال :
(إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ) ، أي : بالإثم ، وأصل السوء ما يسوء صاحبه ، وهو مصدر ساء يسوء سوءا ومساءة ، أي : أحزنه ، وسوّأته فساء أي : حزّنته فحزن ، (وَالْفَحْشاءِ) : المعاصي وما قبح من القول والفعل ، وهو مصدر كالسراء (٧) والضراء ، روى باذان (١) عن ابن عباس قال : الفحشاء من المعاصي ما يجب فيه الحدّ ، والسوء من الذنوب ما لا حدّ فيه ، وقال السدي : هي الزنا ، وقيل : هي البخل ، (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ، من تحريم الحرث والأنعام.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) ، قيل : هذه قصة مستأنفة ، والهاء والميم في (لَهُمُ) كناية عن غير مذكور.
ع [١٢٠] وروي عن ابن عباس قال : دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم اليهود إلى الإسلام ، فقال رافع بن خارجة ومالك بن عوف : بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا.
أي : ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا أفضل وأعلم منّا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقيل : الآية متّصلة بما قبلها وهي نازلة في مشركي العرب وكفّار قريش ، والهاء والميم عائدة إلى قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) [البقرة : ١٦٥] ، (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا) ، أي : ما وجدنا (عَلَيْهِ آباءَنا) من عبادة الأصنام ، وقيل : معناه وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل الله في تحليل ما حرّموا على أنفسهم من الحرث
__________________
(١) وقع في الأصل «روي بإذن» والمثبت هو الصواب.
ع [١٢٠] ـ ضعيف. أخرجه الطبري ٢٤٥٤ من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به ، وإسناده ضعيف لجهالة محمد بن أبي محمد.
__________________
(١) سقط من نسخ المطبوع.
(٢) في المطبوع وحده «ويخاف».
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) في نسخ المطبوع «حتى».
(٦) في المخطوط «أبي».
(٧) في المخطوط «كالبأساء».