أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي أخبرنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، أخبرنا الحسن بن بكر المروزي أخبرنا المعلّى بن منصور أخبرنا عبد الله بن جعفر المخرميّ (١) ، عن عثمان الأخنسي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة : عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «ما بين المشرق والمغرب [قبلة](١)».
وأراد به في حق أهل المشرق وأراد بالمشرق : مشرق الشتاء في أقصر يوم من السنة ، وبالمغرب : مغرب الصيف في أطول يوم من السنة ، فمن جعل مغرب الصيف في هذا الوقت عن (٢) يمينه ومشرق الشتاء عن يساره كان وجهه إلى القبلة. (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) : مرادهم ، الخطاب مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والمراد به الأمة ، (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) ، من الحق في القبلة ، (إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ).
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨))
قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ، يعني : مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه ، (يَعْرِفُونَهُ) ، يعني : يعرفون محمدا صلىاللهعليهوسلم (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) : من بين الصبيان ، قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلّام : إن الله قد أنزل على نبيّه (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) فكيف هذه المعرفة؟ قال عبد الله : يا عمر لقد عرفته حين رأيته كما أعرف (٣) ابني ، ومعرفتي بمحمد صلىاللهعليهوسلم أشدّ من معرفتي بابني ، فقال عمر : وكيف ذلك؟ فقال : أشهد أنه رسول حقّ من الله تعالى ، وقد نعته الله في كتابنا ، ولا أدري ما تصنع النساء ، فقال عمر : وفقك الله يا ابن سلام فقد صدقت (٢) ، (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ
__________________
أبي هريرة مرفوعا بلفظ : «ما بين المشرق والمغرب قبلة» وعلّقه النسائي (٤ / ١٧٢) وقال : أبو معشر ضعيف ، مع ضعفه اختلط وعنده مناكير.
وقال الترمذي عقب الرواية الأولى والثانية : أبو معشر اسمه نجيح قال البخاري : لا أروي عنه شيئا. ثم قال الترمذي : قال البخاري. وحديث الأخنسي أقوى من حديث أبي معشر وأصح ا ه.
ـ وحديث الأخنسي في الرواية الثالثة للترمذي.
ـ وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الدارقطني (١ / ٢٧٠) والبيهقي (٢ / ٩) وصححه الحاكم (١ / ٢٠٥) وقال : على شرطهما! وسكت الذهبي! مع أن فيه شعيب بن أيوب تفرد عنه أبو داود ، وهو ثقة ، لكنه مدلس ثم ساقه الحاكم من وجه آخر عن ابن عمر وقال : هذا حديث صحيح وقد أوفقه جماعة على ابن عمر ، ووافقه الذهبي سكوتا.
ـ وفي «نصب الراية» (١ / ٣٠٣) قال الزيلعي : هذا الحديث تكلم فيه أحمد وقوّاه البخاري. وقال ابن أبي حاتم في «العلل» ٥٢٨ : قال أبو زرعة : هذا حديث فيه وهم. بل هو موقوف على ابن عمر ا ه. قلت : قد ورد من حديث أبي هريرة ، من طريقين ، أحدهما يقرب من الحسن بمفرده.
ـ لذا صححه الألباني في الإرواء (٢ / ١٠٢) لهذه الطرق ، ومع ذلك لا يبلغ درجة الصحة فهو معلول. بعضهم أعله بالإرسال وبعضهم أعله بالوقف ، وحسبه أن يكون حسنا ، وقد ورد عن عمر قوله ، أخرجه مالك (١ / ٢٠١).
(١) وقع في الأصل «المخزومي» وكذا في تفسير ابن كثير (١ / ١٦٤) والتصويب من سنن الترمذي و «التقريب» لابن حجر. و «شرح السنة».
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢٧١) ونسبه للثعلبي من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن ابن عباس ، وإسناده
__________________
(١) لفظ «قبلة» في نسخ المطبوع في أول الأثر ، والمثبت عن المخطوط وكتب الحديث وشرح السنة.
(٢) في المطبوع «على».
(٣) في المطبوع «عرفت».