ركعتين من صلاة الظهر ، فتحوّل في الصّلاة واستقبل الميزاب (١) ، وحوّل الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال ، فسمّي ذلك المسجد مسجد القبلتين.
وقيل : كان التحويل خارج الصلاة بين الصلاتين ، وأهل قباء وصل إليهم الخبر في صلاة الصبح.
[١٠٠] أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه السرخسي ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي السامري ، أخبرنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري ، عن مالك بن أنس عن عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر قال :
بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذا جاءهم آت وقال لهم : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.
فلما تحوّلت القبلة قالت اليهود : يا محمد ما هو إلّا شيء تبتدعه من تلقاء نفسك فتارة تصلي إلى بيت المقدس وتارة إلى الكعبة ، ولو ثبت على قبلتنا لكنّا نرجو أن تكون صاحبنا الذي ننتظره ، فأنزل الله تعالى : (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ) ، يعني : أمر الكعبة ، (الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) ، ثم هدّدهم فقال : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) ، قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي بالتاء ، قال ابن عباس : يريد أنكم يا معشر المؤمنين تطلبون مرضاتي وما أنا بغافل عن ثوابكم (١) وجزائكم ، وقرأ الباقون بالياء ، يعني : ما أنا بغافل عما يفعل اليهود فأجازيهم في الدنيا وفي الآخرة.
(وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٥))
قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ، يعني : اليهود والنصارى ، قالوا : ائتنا بآية على ما تقول ، قال الله تعالى : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ) : معجزة ، (ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) ، يعني : الكعبة ، (وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) ، لأن اليهود تستقبل بيت المقدس وهو المغرب ، والنصارى تستقبل المشرق ، وقبلة المسلمين الكعبة.
[١٠١] أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي (٢) ،
__________________
(١) وقع في الأصل «الميزان» والمثبت هو الصواب.
[١٠٠] ـ إسناده صحيح. أبو مصعب أحد الأئمة الذين رووا الموطأ عن مالك وهو من فوقه رجال البخاري ومسلم ، وهو إسناد كالشمس.
وهو في «شرح السنة» ٤٤٦ بهذا الإسناد.
أخرجه المصنف من طريق مالك ، وهو في «الموطأ» (١ / ١٩٥) عن ابن دينار به.
وأخرجه البخاري ٤٠٣ و ٤٤٨٨ و ٤٤٩٠ و ٤٤٩١ و ٤٤٩٤ و ٧٢٥١ ومسلم ٥٢٦ والنسائي (٢ / ٦١) والشافعي (١ / ٦٤) وابن أبي شيبة (١ / ٣٣٥) وأحمد (٢ / ١٦ و ٢٦ و ١٠٥) والدارمي ٢٨١ وأبو عوانة (١ / ٣٩٤) وابن حبان ١٧١٥ والبيهقي (٢ / ٢ و ١١) من طرق من حديث ابن عمر.
[١٠١] ـ حديث حسن بشواهده وطرقه. إسناده لا بأس به لأجل عبد الله بن جعفر المخرمي. وباقي رجال الإسناد ثقات.
وهو في «شرح السنة» ٤٤٧ بهذا الإسناد.
أخرجه المصنف من طريق الترمذي ، وهو في «سننه» ٣٤٤ عن الحسن بن بكر بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي ٣٤٢ و ٣٤٣ وابن ماجه ١٠١١ من وجه آخر عن أبي معشر نجيح عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن
__________________
(١) في المخطوط «توليتكم».
(٢) في المطبوع «بن الجراح» بدل «الجراحي» والمثبت عن «شرح السنة» ووقع في المخطوط «الخزاعي».