المراتب بصدور معلولاتها إلى الوجود وترتبها في مراتبها واحد دون آخر ، ولم يبق هناك من الأمور ما لم يترتب دونه في الوجود خارجا عنه ، معلول ، وقف الوجود العقلي عن الانبعاث باستيعاب الموجودات مراتبها في الوجود التي أوجبتها عللها ، وانتهاء الأمر فيه إلى الغاية ، ولم يكن للعاشر مرتبة دونه من جنسه ، إلّا الذي بعد عن مركز الكمال من عالم الطبيعة. فقام بأن يستجذب منها ما كان في أفقه إلى ذاته ، بسطوع نوره فيه ، وأن يسوقه إلى كماله.
وعلى هذا كان وجود العالم الكبير (١) على ما تقدم عليه الكلام. «وهذا الفصل أيضا بيّن فيه تجرد العاشر عن الجسم بقوله : ولما لم يكن للعاشر مرتبة دونه من جنسه ، أي من عالم اللطافة ، لم يبق دونه مرتبة من العقول الروحانية. قال : إلّا الذي بعد عن مركز الكمال من عالم الطبيعة ، فقام بأن يستجذب منها ما كان في أفقه إلى ذاته بسطوع نوره فيه (٢) ، وأن يسوقه إلى كماله» (٣) ، أي تحرك الطبيعة لظهور المواليد. ثم لظهور الحدود الذين هم النطقاء ، والأسس ، والأئمة وتابعوهم الذين هم في أفقه. ويستجذبهم إلى ذاته بسطوع نوره إلى كمالهم. أي ليقيم قائمهم مقام نفسه في رتبته ومقامه ، ويسكن هو عن الحركة بقيام الخليفة في خلافته فيما كان هو فيه. ونحن نبين كيفية ذلك إن شاء الله تعالى في موضعه في باب المعاد.
__________________
(١) بما فيه من أفلاك وكواكب وأجرام وهذا العالم الكبير لا تثبت أجزاؤه ولا تظهر منافعه إلا باكتساب من النفس الكلية المحيطة بالعالم الطبيعي ، ولم تصلح أمور أجزائه التي هي العالم الصغير إلا بالاكتساب من أجزاء النفس الكلية.
(٢) باعتباره الحد الكامل الذي به خروج النفس من القوة إلى الفعل لتقبل على الفوائد العقلية والعلوم الربانية. نقلت هذه العبارات من المشرع الخامس من السور الرابع.
(٣) كرر هذا القول المحصور داخل قوسين مرتين في النسخة م فحذفناه المكرر.