وهذا الفصل من قوله بيّن فيه المراد ، وحقق ما ذكرناه في الأعداد ، بأن العاشر يقوم فيما دونه مقام الأول في الآحاد.
ثم قال أيضا : وإن العقول البرية (١) من المواد لما كانت على ما ذكرنا ، أنوارها ساطعة في الموجودات ، دونها في الرتبة عموما ، ونور العاشر منها بإقباله على عالم النفس في عالم الطبيعة لاستخلاصها نافذا خصوصا على ما تقدم الكلام عليه ؛ وهذا قول أيضا يوضح تجرد العاشر ، وأن نوره ساطع على عالم النفس في عالم الطبيعة ، وعالم النفس ، هم عالم الدين ، الذين هم في عالم الطبيعة إلى قوله : وإنّه المتولي للعالم الهيولاني ، لإظهار النهاية الثانية التي هي النطقاء ، والأسس ، والأئمة وتابعوهم.
فبتأييد العقول الإبداعية بإظهار رتب العقول من دار الطبيعة ، رتبة رتبة ، وقسما قسما. فهو ذو فعل في أعلى الأنفس رتبة في تهذيبها ، فألف وأسس العبادة الظاهرة التي بها تتقوم الأنفس. فهو الناطق الذي سمته السنّة الإلهية رسولا.
وإذا قنن العبادة الباطنة التي بها تتصور الأنفس ، فهو الأساس (٢) الذي سمته السنة الإلهية شاهدا. وإذا أمر وساس السياسة التي بها تنقاد النفس
__________________
(١) يريد العقول الفاعلة في ذواتها بذواتها ، والعقل الأول مركز لعالم العقول إلى العقل الفعال الذي عقل الكل وذواتهم برية من الأجسام والأجسام العالية بكونها قائمة بالفعل. والعاشر من هذه العقول صار تماما لعالم الانبعاث وهو مثل المكاسر في تأثيره في الأنفس واختصاص فعله ، يجذبها إلى طريق الحق بما يفيدها كمالها الذي فيه تمامها وانتقالها إلى درجة العقول خروجا إلى الفعل ، وحصولا في حيز البقاء والأزل. وليس بعد الحدود العشرة القائمة بالتعليم إلا المتعلم القابل بركة فيضها.
(٢) الأساس أصل من الأصول الأربعة الإسماعيلية الذين هم : السابق والتالي والناطق والأساس. والأساس هو الإمام الذي يلي الناطق مباشرة ويكون منطلقا للأئمة القائمين بالفعل ، ويذهب الإسماعيلية إلى أن لكل ناطق دور أساس يرافقه في كافة مراحل حياته ومنه تتسلسل الأئمة المستقرون في الأدوار الصغيرة.