العاشر ، كما قال سيدنا المؤيد أعلى الله قدسه :
وبعاشره مدبر عالم الطبيعة ، المظهر في أكوانها الصور البديعة.
وقال في موضع ثان (١) : المتجلي للجبل ، وجاعله دكا خلق من خلقه ، والسموات والأرض مطويات بيمين عبد يقوم بحقه ، لأن العناية الإلهية لما كملت المراتب التسع في عالم الأمر التي هي المبدع الأول ، والمنبعث الأول ، والسبعة العقول ، وكانت صورة الآحاد إلى التاسع ، وجب بعدها ظهور (٢) صورة أعشار ، فقام هذا العاشر في الأعشار بالوحدانية والصورة ، مقام المبدع في أول صورة الآحاد. وهو أعني العاشر روحاني متجرد عن المواد ، باب عالم القدس ، الفاعل في عالم الطبيعة بمرافدة العقول وإمدادهم وتأييدهم له ، وملاحظتهم وإقبالهم عليه (٣) ، ونحن نبين ما الغرض في ذلك إذ هو بقصد لما وقع الهبوط.
قال سيدنا حميد الدين (٤) في فصل راحة العقل يبين تجرد العاشر ولطافته وفعله : فقد ثبت بانتهاء التحليل إلى واحد به يتعلق وجود ما سواه ، أن هذا الواحد هو العلة الثابتة ، وهو فعل في ذاته ، ومفعول في ذاته ، وفاعل في ذاته ؛ ثم نقول :
لما كان خروجه (٥) إلى الفعل الذي هو درجة الكمال ، لا يكون إلّا
__________________
(١) انظر المجلس العاشر بعد المائة السابعة من المجالس المؤيدية. نسخة خطية في مكتبة مصطفى غالب.
(٢) بعدها ظهور : بعد ما ظهرت في ج وط.
(٣) لأن العقول نالت كمالات من أول وجودها ابداعا وانبعاثا وانعطفت على الهيولى فسرت أشعتها فيها ، فكان منها عالم الجسم بسماواته وكواكبه وطبائعه ليكون سببا لوجود المواليد الجسمانية وجامعا لفيض العقول.
(٤) المشرع الخامس من السور الرابع من راحة العقل. ويذكر الكرماني بأن العقل العاشر يقوم مقام الأول في تدبير أمر دار الجسم.
(٥) لما كان خروجه إلى الفعل : لما كان كل قائم بالقوة ناقصا ، وكان خروجه إلى الفعل في ج وط.