بالذي يستند إليه في ذلك ، ممّا هو قائم بالفعل ، تام في ذاته وفعله ، فقد بين أن خروج هذا العاشر بمن فعل فيه ، وهم المؤيدون له ، وفاعلون في ذاته فهو فاعل فيما دونه كما فعل فيه العالي عليه ، القائم بالفعل الذي يستند إليه.
وقال أيضا في فصل آخر : فالمنبعث الثاني لا يشبه الأول ولا ما يجمعه وإياه حكم الانبعاث الأول ووجوده عن المبدع الأول لا بقصد أول بأن الإبداع الذي هو المبدع الأول ما قصد في إحاطته بذاته أن يكون عنه الهيولى هذا المنبعث الثاني الأول وغيرهما ، إذ ذلك قصد دنيء لا يليق به ، ويصير به رذلا لا شريفا ، لكون قصده لو كان لذلك لا للأمر الأشرف قصدا دنيئا (١) ، وكان بكون قصده لمثل ذلك رذلا لا شريفا ، ومحال ذلك ، فكان وجوده عنه بالانبعاث لكماله وجلاله أمرا ضروريا ، إذ لم يكن بد من أن يوجد عنه عند ملاحظته ذاته تقديسا للمتعالي عنها الذي هو القصد الأول ما هو ثمرة كماله من الشهادة بالالهيّة لمبدعه. فلمّا لم يكن للمنبعث الثاني درجة المتعالي عليه في الشرف والرتبة ، عمدت العناية الإلهية الشائعة في العقول البرية من الأجسام بقصد ثان لما قد فات هذا المنبعث الذي هو العقل القائم بالقوة المعرب عنه بالهيولى عند الحكماء ، وفي السنة الإلهية باللوح ، شرف هذه العقول القائمة بالفعل ، إلى أن جعلته أفضل شيء ، أمكن أن يكون منه دون تلك الرتبة ، متشبها بما فوقه في الشرف وبلغته كماله الذي يليق به ، بسريان أنوارها فيه ، حتى انتقل
__________________
(١) النص الذي نقله المؤلف من السور الرابع من المشرع الثالث من راحة العقل فيه بعض الاضطراب لذلك رأينا أن نورده كما جاء في الأصل «... فهو أعني المنبعث الثاني الأول الذي هو الهيولى لا يشبه الأول ، ولا ما يجمعه وإياه لحكم الانبعاث الأول. ووجوده عن المبدع الأول لا بقصد أول لأن الإبداع الذي هو المبدع الأول ما قصد من إحاطته بذاته أن يكون عنه الهيولى هذا المنبعث الثاني الأول وغيرها ، إذ ذاك قصد دنيء لا يليق به ويصير به رذلا لا شريفا ، لكون قصده لو كان لذلك لا للأمر الأشرف قصدا دنيئا رذلا ..».