كالأنثى. وكذلك العالم الروحاني للعالم الجسماني الطبيعي على هذه الصفة. فالعالم مرتبط بعضه ببعض بسريان العناية الإلهية في الجميع ، من العلو إلى السفل بخلاص ما خلص.
فأما عالم الهيولى فإنهم لما لم يجيبوا (١) دعوة المنبعث الأول ، لما وقعت الدعوة به ، ومالوا إلى نهج العاشر. ولما استرجع وعاد (٢) ، أقيم فيهم مقام الواحدية لما رجع وعطبوا فدعوا به ، فزهدوا فيه ، وتكبروا عليه ، وتمادوا بالتخلف عن الإجابة عنه ، وعمن علا عليه ؛ فوقعوا في الخطيئة ، ولزمهم الهبوط من اللطافة إلى الكثافة ، فاجتمع هذا القسم الثاني وهو المنبعث الثالث الذي رمز به سيدنا حميد الدين في الرسالة الحاوية (٣) بقوله :
لما ضرب المثل لدعوة مولانا أمير المؤمنين ، وقيام الاضداد عليه ، وتغطيتها حتى صارت بالقوة ، وستعود إلى العام (٤) ، يعني بظهور القائم. ثم قال بعد أمثال كثيرة : وكما أن المنبعث الثالث غابت صورته فستعود تلك الصورة آخر الأدوار والأكوار ، وتلك الصورة بحالة أعظم ، وجلالة أبهى. ومن الرموز على ذلك من حروف المعجم (نون فا ور ز ند ك) في حلة لينقدح لك حل العلوم به ، وتأمل العلامة الدالة على الستة التي هي الواو وكيف كونها بين النون الأول والنون الآخر ، وكيف تكون
__________________
(١) أي لم يجيبوا التالي الذي اتخذه العقل الأول السابق بابا وحجابا يخاطب منه دونه ، وأمده من المادة التي طرقته من مبدعه ، بما شرف به على المنبعث الثاني وعلى كافة أبناء جنسه وعلم بذلك ما كان وما يكون ، وهو المسمى بالنفس الكلية والانبعاث الأول واللوح.
(٢) أي عند ما هبط إلى رتبة العاشر آخر مراتب العقول تاب وأناب وطلب ممن هو فوقه أن يشفع له ، فشفع له من فوقه إلى فوقه حتى انتهت الشفاعة إلى العقل الثاني الذي هو المنبعث الأول فتاب عليه من زلته وغفر له خطيئته ، وأمده من فيض المادة الأزلية التي اتصلت به من سابقه.
(٣) الرسالة الحاوية في الليل والنهار ، وهي في التأويل ، وقيل إنها ألفت سنة ٣٩٩ ه. وأرسلت إلى الداعي بمدينة جيرفت بإقليم كرمان.
(٤) أي قائم القيامة الكبرى وآخر إمام من أئمة دور الناطق السادس محمد (ص).