التكوين والاستحداث ، وأحللته من الأول محل القابل من الاناث ، فاستدار الفلك المكوكب بسريان أشعته ، وجرت أحداثه بتقديره ومشيئته ، وبثالثه المختص بتأثيره فلك كيوان ، وبرابعه الذي هو المشتري تحت تدبيره ممر الزمان ، وبخامسه محل البقاء والدوام المختص بنفاذ قوته فلك بهرام. وبسادسه حافظ عالم الحس ، المنفذ بقوى تصاريفه فلك الشمس. وبسابعه منتهى محل الشرف والقدرة ، السارية قوى أحداثه في فلك الزهرة. وبثامنه الذي نصب عطارد للفلك كاتبا ، ولمقاديره مقدرا وحاسبا. وبتاسعه مقدر القمر منازلا ، وجاعله لجميع الكواكب مؤديا وناقلا. وبعاشره مدبر عالم الطبيعة ، المظهر في أكوانه الصور البديعة. وهذا ما رافد به سيدنا المؤيد سيدنا حميد الدين نضر الله وجهيهما (١). فقد أوضح أن العاشر من جملة عالم الانبعاث مجرد عن الجسم يتصف بما يتصفون ، وانّه المدبر لعالم الطبيعة كما ذكر أن العقول الروحانية كل مرتبة منها تنظر إلى فلك من الأفلاك الجرمانية ، كما أوضح ذلك.
وكذلك كل مرتبة من تلك المراتب تنظر إلى مرتبة من مراتب الدين العشر بوساطة العاشر (٢). كما أن القمر الواسطة بين عالم الأجرام ، وبين عالم الكون والفساد. إذ عالم الأجرام مؤثر كالذكر ، وعالم الكون والفساد مؤثر فيه
__________________
(١) نلاحظ بأن العرفان الإسماعيلي يعتبر الموجود الأول المبدع الأول السابق في الوجود في عالم الابداع مثل الذكر في الدين ، والمنبعث الأول أو الموجود الثاني في عالم الابداع التالي معه مثل الأنثى القابلة منه. والنبي الذي هو السابق مثل السماء ، والإمام الذي هو التالي معه مثل الأرض. ولما انتقل النبي (ص) صار الإمام بعده قائما في عالم الدين مقام العقل الأول والموجود الأول والمبدع الأول ، وحجته مقام المنبعث الأول والموجود الثاني.
(٢) أي الحدود الدينية السفلية المعروفة بنظام الدعوة الإسماعيلية وهي : الناطق ، الأساس ، الإمام ، الباب ، الحجة ، داعي البلاغ ، الداعي المطلق ، الداعي المحدود ، المأذون المطلق ، المأذون المحدود الذي هو المكاسر. وكذلك كل مرتبة : وكذلك مرتبة ج وط.